عبث السياسة.. حتى «الثورة» سرقوها!بقلم ـ د. مهدي دخل الله:

الثلاثاء 29-10-2019

كتبت قبل فترة في إحدى الصحف عن انتقال الثقل العربي من دمشق والقاهرة وبغداد إلى عواصم الخليج, وأكدت أن الخطأ نتحمله نحن أبناء التيارات القومية, البعثية والناصرية وغيرها لأننا لم نتّحِد مرة واحدة وإنما كنا دائماً مختلفين متصارعين…
ويبدو أن البعض في الخليج سرق منا كل شيء بما في ذلك شيء اسمه «الثورة»، كانت الثورات صناعة القوميين العرب, أولها في مصر 1952 ثم في العراق 1958 ثم في سورية 1963، وكانت ثورات تحررية ذات مضامين اجتماعية تغييرية وأهداف عريضة متفائلة جداً، لكننا لم ننجح بدليل أن من يقرر الثقل العربي بكل أبعاده اليوم هي بعض دويلات الخليج وليس «العظماء الثلاثة» القاهرة ودمشق وبغداد.
اليوم نشهد موجة «الربيع» الثاني بتخطيط أمريكي وتعهد سعودي أو قطري، فبعد الجزائر والسودان يتحرك الشارعان العراقي واللبناني بشدة, حيث المطالب عادلة وضرورية, لكن المخفي أعظم.. فهناك حق يراد به حق وهناك حق يراد به باطل، وما يحدث اليوم في لبنان والعراق حق يراد به باطل. إن تحريك الشوارع بهذه القوة يحتاج تنظيماً وأموالاً. وأخطر شيء في التنظيم أن تدفع الناس للمطالبة بحقوق لا يمكن لأحد أن يدينها أو يتخذ موقفاً سلبياً منها، فالشعارات وطنية بامتياز, والحركة شعبية في المظهر تماماً, والمطالب محقة مئة في المئة.
وبغض النظر عن الدوافع المخلصة لمئات الآلاف في شوارع لبنان والعراق, أليس من الخبث أن يستغلوا طاقات الشعب وعواطفه ومطالبه الحقة من أجل تحقيق أهداف لا علاقة لها بالشعب؟. الهدف هو الفتنة من أجل إضعاف المقاومة في لبنان وعرقلة مسيرة العراق نحو القضاء على الإرهاب والاقتراب أكثر فأكثر من سورية…
كادت الفتنة أن تندلع بين المقاومة اللبنانية وبعض المتظاهرين, وفي العراق هل كان فتح معبر القائم مع سورية السبب الأساس في تحريك الشارع العراقي؟ في السياسة لا مجال للتلقائية والمصادفة, أما العبث فهو لاشك ذو مكانة عليا في تراتبية السياسة المعاصرة

Visits: 2

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا