حرب مياه في شمال سوريا وجه جديد للعدوان التركي

منذ ايام بدأ الوارد المائي القادم من تركيا عبر نهر الفرات بالتراجع إلى أقل من ربع الكمية المنصوص عليها في الاتفاقية الموقعة بين دمشق وأنقرة عام 1987، حيث تتحكم تركيا بتدفق مياه النهر من خلال 6 سدود قائمة على نهر الفرات. مايعني مخالفة تركيا الاتفاق المذكور، والذي يقضي بالحفاظ على منسوب النهر عند حدود 500 متر مكعب في الثانية تجنبا لحدوث كارثة إنسانية في المناطق التي يعبرها النهر نتيجة السدود الستة التي تقيمها تركيا على مجرى نهر الفرات، والتي تستغلها تركيا لشن حرب مياه تترافق مع قانون قيصر واستمرار الارهاب الداعشي في البادية السورية، اضافة للدعم التركي المباشر للمجموعات المسلحة في شمال البلاد ، من ادلب الى المناطق بريف الحسكة والرقة، واستغلال هذه الورقة في وجه الشعب السوري الذي يعتمد على ثرواته في مواجهة الاثار الاقتصادية للارهاب ولقانون قيصر ومنها الزراعة، التي تشكل عماد الحياة الاقتصادية لجزء كبير من المحافظات السورية، وركنا أساسيا داعما للاقتصاد الوطني السوري بالاضافة الى التهديد الجدي والفعلي بكارثة انسانية سواء بتأمين مياه الشرب للأهالي، أو إيقاف مشاريع توليد الطاقة الكهربائية.

إن الاجراءات التركية ليست بجديدة والحرب على المياه تأتي كجزء اساسي من الحرب على سوريا بأوجهها المختلفة، فالدولة التركية التي مازالت تستثمر بالمجموعات المسلحة في مناطق دخلها الجيش التركي، تتجه نحو لفت نظر الدولة السورية عن الخروقات المتكررة لها في مناطق خفض التصعيد، وحرق المحاصيل الزراعية في ريفي الحسكة والرقة، واعادة احياء داعش في البادية السورية، لتتوجه الانظار الى قطع مياه الفرات بهدف التأثير في الاقتصاد السوري والعمل على زعزعة الاستقرار والأمن الغذائي في البلاد والسعي إلى تجويع الشعب السوري.

وما تجدر الاشارة اليه ان هذه التصرفات التركية والتي تصنف كعدوان، ليست بجديدة، فمنذ سنين والاتراك يسعون لحرمان الشعب السوري والعراقي من مياه دجلة والفرات وحتى الانهار التي تعتبر روافد لهما، حيث قامت خلال السنوات الماضية ببناء السدود الكبيرة لحجز مياه روافد نهر الخابور / الجغجغ – جرجب – زركان – تل حلف / ما أدى إلى جفاف النهر على مدار غالبية أشهر العام إضافة إلى التأثير السلبي المباشر على الواقع المائي وجفاف الكثير من الآبار السطحية وانخفاض منسوب المياه الجوفية في المنطقة، وبالتالي قلص بشكل كبير المساحات الزراعية المروية التي تشكل العصب الاقتصادي في شمال البلاد .

وهنا يجب لفت النظر الى ان هذه السياسة التركية العدوانية حول مياه الفرات ودجلة، مستمرة منذ سبعينات القرن الماضي، فتركيا اخفت عن جيرانها مشاريع ري كبيرة، واقامت سدود وخرقت البروتكولات الخاصة بحصص للدول، ولم تعترف ان نهر الفرات نهر دولي، للتهرب من القوانين الدولية الخاصة بتقاسم المياه، وهنا يبرز ايضا اتفاقات التركي مع الكيان الإسرائيلي في مجال المياه ذو المضمون الاقتصادي، حيث باعت الكيان كميات من المياه التركية تم نقلها بعبوات بلاستيكية عبر السفن.

ان الجميع يعلم ان انخفاض أصوات البنادق وطبول الحرب في المنطقة يقابله حروب بديلة، وابرزها الارهاب الاقتصادي، و الصراع على المياه في حوضي الفرات ودجلة، احد اوجه هذه الحرب حيث حولت تركيا المياه إلى سلاح مع استمرار المواجهة العسكرية والسياسية، واصبحت السدود التركية سلاحاً بيد الحكومة للضغط على كل من سوريا والعراق.

الا ان جميع الاعراف والمواثيق الدولية تؤكد على ان استعمال المياه سلاحاً من أجل السيطرة على القرار السياسي للشعوب، أو تحويل المياه سلعةً تجاريةً تتحكم فيها دول المنبع القوية لأهداف سياسية، يعتبر جريمة بحق الانسانية لا تختلف عن دعم الارهاب بالسلاح والعتاد.

حسام زيدان – العالم

Visits: 0

ADVERTISEMENT

ذات صلة ، مقالات

التالي

من منشوراتنا

آخر ما نشرنا