الثورة الفرنسية (بالفرنسية: Révolution française) كانت فترة مؤثرة من الاضطرابات الاجتماعية والسياسية في فرنسا عرفت عدة مراحل استمرت من 1789 حتى 1799، وكانت لها تأثيرات عميقة على أوربا والعالم الغربي عموما، انتهت بسيطرة البورجوازية خلال التحالف مع نابليون وانتهت بتصدير الأزمة من خلال الإستعمار بالتوسع اللاحق للإمبراطورية الفرنسية، انتهت بسيطرة البروجوازية التي كانت متحالفة مع طبقة العمال مع احقاق مجموعة من الحقوق والحريات للطبقة العاملة والمتوسطة للشعب الفرنسي. أسقطت الملكية وأسست الجمهورية وشهدت فترات عنيفة من الاضطراب السياسي، وتوجت أخيرا في دكتاتورية نابليون الذي جاء سريعا بكثير من مبادئها إلى أوروبا الغربية وخارجها. أستوحت الثورة الفرنسية أفكارا ليبرالية وراديكالية، غيرت بشكل عميق مسار التاريخ الحديث، وأطلقت الانحدار العالمي للملكيات المطلق واستبدالها بالجمهوريات. أطلقت الثورة من خلال حروب الثورة الفرنسية صراعات عالمية مسلحة أمتدت من البحر الكاريبي إلى الشرق الأوسط. المؤرخين على نطاق واسع يعتبرون الثورة الفرنسية واحدة من أهم الأحداث في تاريخ البشرية.[2][3][4] أسباب الثورة الفرنسية معقدة ومازالت محل جدل بين المؤرخين. بعد حرب السنوات السبع وحرب الاستقلال الأمريكية، كانت الحكومة الفرنسية غارقة في الديون وحاولت استعادة وضعها المالي من خلال خطط ضرائب لم تحظى بشعبية بين العامة. أيضأ سنوات من القحط سبقت الثورة أثارت استياء شعبي على الامتيازات التي يتمتع بها رجال الدين والطبقة الأرستقراطية. صيغت مطالب التغيير من خلال أفكار تنويرية وساهمت في انعقاد مؤتمر الجمعية العامة في مايو 1789 السنة الأولى من الثورة رأت سيطرة الجمعية العامة واقتحام سجن الباستيل في يوليو وإمرار إعلان حقوق الإنسان والمواطن في أغسطس ومسيرة النساء إلى قصر فرساي التي أجبرت البلاط الملكي على الرجوع إلى باريس في أكتوبر. أهم حدث في المرحلة الأولى من الثورة حصل في أغسطس 1789 حيث إلغي نظام الإقطاع والقواعد والامتيازات القديمة التي خلفها حكم أترافي. خلال السنوات القليلة التالية ظهرت صراعات سياسية بين مختلف التجمعات الليبرالية وأنصار الجناح اليميني الموالي للنظام الملكي الذين حاولوا إحباط إصلاحات رئيسية. تم الإعلان عن قيام الجمهورية في سبتمبر 1792 بعد الإنتصار الفرنسي في معركة فالمي. في حدث تاريخي أدى إلى إدانة دولية له، تم إعدام لويس السادس عشر في يناير 1793. التهديدات الخارجية لفرنسا رسمت مسار الثورة، فالحروب الثورية التي بدأت في 1792 أدت إلى انتصارات فرنسية سهلت غزو شبه الجزيرة الإيطالية والبلدان المنخفضة ومعظم المناطق غرب الراين، هذه الإنجازات استعصت على الحكومات الفرنسية السابقة لعدة قرون. على الصعيد الداخلي، أدى التحريض الشعبي إلى جعل الثورة متطرفة بشكل كبير وبلغت ذروتها في صعود ماكسمليان روبسبير واليعاقبة. الديكتاتورية التي فرضتها لجنة السلامة العامة خلال عهد الإرهاب، من 1793 إلى 1794، أدت إلى فرض ضوابط على أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى، وإلغاء العبودية في المستعمرات الفرنسية في الخارج، وتحويل المجتمع عن المسيحية من خلال إنشاء تقويم جديد وطرد الشخصيات الدينية وتأمين حدود الجمهورية الجديدة من الأعداء. أعدم عدد كبير من المدنيين من قبل محاكم ثورية خلال عهد الإرهاب، وتتراوح التقديرات بين 16000 إلى 40000.[5] بعد رد فعل ثرميدورين، تولى مجلس تنفيذي معروف باسم المديرين السيطرة على الدولة الفرنسية في 1795. اتسم حكم المديرين بايقاف الانتخابات ونبذ الديون وعدم الاستقرار المالي واضطهاد رجال الدين الكاثوليك وفتوحات عسكرية كبيرة في الخارج.[6] لاحق حكم المديرين اتهامات بالفساد وتم الإطاحة به في انقلاب قادهُ نابليون بونابارت في 1799. نابليون، والذي أصبح بطل الثورة الفرنسية بسبب حملاته العسكرية الشهيرة، أسس حكومة القناصل ولاحقاً، الإمبراطورية الفرنسية الأولى، الأمر الذي مهدَ الطريق لمجموعة أوسع من الصراعات العالمية في الحروب النابليونية. بزغ العصر الحديث في ظل الثورة الفرنسية. تقريباً كل الحركات الثورية في المستقبل نظرت إلى الثورة الفرنسية كسلف لها.[7] عبارتها المركزية ورموزها الثقافية، مثل لامارسييز وحرية، مساواة، إخاء، أصبحت شعارات مركزية للاضطرابات الرئيسية الأخرى في التاريخ الحديث، من ضمنها الثورة الروسية بعد أكثر من قرن لاحق.[8] قيم ومؤسسات الثورة لا تزال تهيمن على السياسة الفرنسية إلى هذا اليوم. المؤرخ الفرنسي فرانسوا ألارد قالَ: تألفت الثورة لقمع ما يعرف بالنظام الإقطاعي وتحرير الفرد والتوزيع عادل لملكية الأرض وإلغاء امتيازات النبلاء وإنشاء المساواة وتبسيط الحياة… تختلف الثورة الفرنسية عن الثورات الأخرى في كونها ليست فرنسية فقط، بل تهدف إلى إفادة البشرية جمعاء."[9] على الصعيد العالمي، ساهمت الثورة في الإسراع بصعود الجمهوريات والديمقراطيات. وأصبحت نقطة محورية لتطوير كل الإيديولوجيات السياسية الحديثة، وأدت إلى انتشار الليبرالية والراديكالية والقومية والاشتراكية ونصرة المرأة والعلمانية من ضمن مفاهيم أخرى عديدة. شهدت الثورة أيضا ولادة الحرب الشاملة من خلال تنظيم موارد فرنسا وحياة مواطنيها نحو هدف الغزو العسكري.[10] بعض وثائقها المركزية، مثل إعلان حقوق الإنسان، وسعَ مجال حقوق الإنسان ليشمل المرأة والعبيد، مما أدى حركات التحرير من العبودية والاقتراع العام في القرن التالي
Views: 2