رؤوس أقلام:
1. انتشار القوات الأطلسية في أي منطقة في العالم يؤدي بشكل شبه حتمي إلى خلق وقائع جديدة على الأرض لا يمكن تجاهلها أو عكسها بسهولة.
2. في حالة سورية، حصل انتشار الأطلسي (الأميركي والتركي) تحت ذريعة محاربة تنظيم داعش وحصل الانتشار في مناطق لاوجود للدولة السورية فيها، وأحياناً تم الالتفاف حول مناطق وجود القوات السورية (كما حصل في الحسكة والقامشلي). ولكن، بالطبع، لهذه القوات الأطلسية أجندات أخرى ومجموعة من الأهداف تجعلها تتقبل المخاطرة في سبيل تحقيقها.
3. الاشتباك العسكري النظامي – أي من جانب القوات السورية – مع القوات الأطلسية (خصوصاً الأميركية) سيكون في الغالب لصالح القوات الأطلسية بسبب تفوق القوة النارية لديهم، وخصوصاً القوة الجوية. دخول القوات الروسية على خط المواجهة المحتملة يعني تصعيداً عالمياً في توقيت غير مناسب لموسكو.
4. لكل هذه الأسباب، كانت القراءة الروسية هي أن الوجود الأطلسي يمكن إحباطه من خلال استباق تقدم هذه القوات، ولهذا عملت موسكو على تعزيز مواقع الجيش السوري في كل من القامشلي والحسكة ودير الزور، وأطلقت حملة باتجاه مدينة الطبقة العام الماضي كما طالب الروس بالتوجه نحو دير الزور بعد انتهاء معركة تدمر ربيع العام الماضي، وحضرت كذلك لمعركة مدينة الباب في تشرين الأول 2016.
5. في حزيران الماضي نفذت قوات من "جيش سوريا الجديد" عملية إنزال في مطار الحمدان في مدينة البوكمال مراهنةً على أن عملية الإنزال ستقود إلى حصول تحرك شعبي ضد تنظيم داعش يقود إلى طرد التنظيم من المدينة. كانت تلك قراءة خاطئة كلفت أصحابها حياتهم وأسلحتهم وقادت إلى طوي صفحة "جيش سوريا الجديد"، وتراجع الوجود الأميركي إلى محيط منطقة التنف.
6. المختلف فيما يخص تقدم القوات الأميركية الأخير في الصحراء السورية وصولاً إلى الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور هو أن هذه القوات تقدمت براً بشكل تدريجي ولم تعتمد أسلوب الضربة الخاطفة كما حصل صيف العام الماضي.
7. التبرير الأميركي لتقدم قواتهم هو أن هذه القوات تتحرك لتقطيع أوصال تنظيم داعش عبر ما يعرف باستراتيجية "الفصل والضغط" Isolation and Pressure التي شرحها وزير الدفاع السابق أشتون كارتر في "فورت براغ" في تموز الماضي وهي تعتمد على الفصل بين مناطق سيطرة تنظيم داعش ثم الضغط عليها منطقةً تلو الأخرى حتى تسقط. ولكن حتى لو نجحت هذه القوات المتقدمة في الصحراء بالالتقاء بالقوات الموجودة في مدينة الطبقة وعزل مواقع داعش في محافظة دير الزور عن مواقعه في السخنة وريفي حمص وحماة والقلمون، فقد لا يحصل تقدم أميركي باتجاه مدينة ديرالزور قبل عام آخر.
8. مع استبعاد حصول ضربات جوية روسية على مواقع القوات الأميركية المتقدمة، سواء في شمال شرق سورية أو في جنوب شرقها، ومع وجود مسافة كبيرة تفصل بيه هذه القوات وأي قوات سورية – بغض النظر إن كانت هذه القوات قادرة على الانتقال للهجوم – فإن الجهة الوحيدة الباقية التي قد تشتبك مع هذه القوات هي تنظيم داعش.
9. يجب أن نتذكر أن لا شيء يُخلق من العدم بدون إرهاصات سابقة وكل حدث يقود إلى مجموعة جديدة من الأحداث والوقائع. السيناريو الوحيد الذي يستطيع فيه تنظيم داعش أن يحشد قواتٍ كافيةً لطرد القوات الأميركية من قلب الصحراء السورية هو السيناريو الذي ينجح فيه بحشد قواته من مناطق مختلفة. نجاحه في طرد القوات الأميركية من قلب الصحراء السورية يعني غالباً أنه سيستخدم القوات التي حشدها، وأي ذخائر وأسلحة يغنمها من القوات الأميركية، في مهاجمة قوات الجيش السوري إما في دير الزور أو في تدمر أو في طريق خناصر.
10. كل ما سبق هو تحليل في ضوء الأحداث السابقة وما هو متوفر من معلومات الآن. لا أزعم أنه لا توجد سيناريوهات أخرى ولكن يجب على من يراهن على أي سيناريو آخر أن لا يتبنى سيناريو يعتمد على الغيبيات أو التبسيط أو الأماني.
Views: 1