تحتفي صالة المعارض في المركز الوطني للفنون البصرية حاليا بمعرض التشكيليين الدكتور عبد الكريم فرج ومحمد العلبي في حوارية فنية فكرية تحمل من زخم الافكار والمفاهيم الفلسفية الكثير من العمق.
ويقدم التشكيلي الدكتور فرج عبر أعماله في المعرض تجربته الأخيرة مع اللوحة بتقنية الحفر المتعددة الأشكال وبأحجام تراوحت بين المتوسط والكبير مازجا بين الحرفية العالية التي يتمتع بها كحفار وبين الأسلوبية المميزة التي يقدمها كمصور خالطا في أعماله بين التضاد اللوني بين الأبيض والأسود مع مساحة مهمة للون الجريء الصريح حيث نرى الأحمر الحار المشتعل والأصفر المتقد مع الأزرق الداكن.
أما من ناحية المواضيع فينحو فرج في لوحاته باتجاه تقديم الإنسان المعاصر بقالب تعبيري رمزي معتمدا التشظي اللوني على حساب غياب أو تماهي الخط الصريح ضمن منظومة تكوين تتخذ من الدمار كيونة لها وهوية بصرية تخلط بين الحزن والكآبة وبين الأمل والقوة.
وجاءت لوحات العلبي ضمن تجربته مع اللوحة المفاهيمية المعتمدة على الخط والرمز في تقديم تكوين متوازن هندسيا لصالح الفكرة المعاصرة التي يتبناها على حساب الدهشة والجمال والخلطة اللونية الغنية التي تكاد تختزل للونين أو ثلاثة في اللوحة مبتعدا عن الألوان الصاخبة والحارة لصالح ألوان باردة من مشتقات الرمادي ودرجات الأخضر.
ومن ناحية الأسلوب اعتمد العلبي التعبيرية الرمزية في صوغ ملاحمه الفنية المليئة بالسرد القصصي والدرامي في مشهدية تأخذ من أعمال الحضارات القديمة دلالات شكلية للمسات فنية معاصرة لها خصوصيتها وتفردها .
تتقاطع لوحات المعرض بين الفنانين من ناحية الجنوح للمفاهيمية في أسلوب طرح المواضيع المقدمة والتي تتحمل تأويلات عدة واسقاطات متنوعة ولكنها في الوقت ذاته تبدو اكثر التحاما مع معاناة الإنسان السوري المعاصر جراء ما يعيشه من حرب ظالمة على بلده فنجد الأعمال بشكل عام تقدم انكسارات إنسانية وتوهان فكري إلى جانب القوة والإصرار على المقاومة وإظهار القدرة على جدارة الحياة ما جعل منها حوارية فنية فكرية عميقة تقدم وجبة دسمة للمشاهد من الفن والتأمل في مفردات يومياته بعد صياغتها بطريقة فنية لها خصوصيتها وتفردها لدى كل من الفنانين.
محمد سمير طحان
Views: 1