حلف جديد، يثير الإشمئزاز آخذ في التحقق بين "اسرائيل" والسودان. يتبين أن حكومة "اسرائيل" طلبت من الإدارة الامريكية ومن دول في الإتحاد الاوروبي تغيير موقفها من السودان، النظر في شطب ديون للدولة ومساعدتها اقتصاديا. ويفسر السخاء الإسرائيلي في أن السودان قطعت علاقاتها مع ايران وهي تعمل على منع نقل السلاح الى سيناء والى غزة.
لـ"اسرائيل" وللسودان شبكة علاقات مركبة. ورغم أنها ليست معرفة كدولة عدو، ساعدت السودان على مدى السنين قوافل السلاح التي كانت تصل من ايران لتمر في اراضيها نحو غزة. وكانت حتى قبل سنة الحليف الأقرب لايران وفي الماضي منحت ملجأ لأسامة بن لادن. ومن الجهة الاخرى فقد غضت النظر (على ما يبدو مقابل مبلغ مالي كبير) عن الأعمال لانقاذ يهود اثيوبيا، وفي بداية السنة صرح وزير خارجيتها، ابراهيم غندور، بان السودان ستدرس مسألة التطبيع مع "اسرائيل".
ولكن سيكون منافيا للمنطق أن يضم السودان الى قائمة الدول العربية “المعتدلة”، التي تحسبها "اسرائيل" كمرشحة مناسبة للتعاون. فعلى رأس الدولة يقف الرئيس عمر البشير الذي صدر بحقه أمر اعتقال دولي على مسؤوليته عن ذبح الشعب في دارفور. والتقديرات هي أنه بين 200 و 400 الف شخص قتلوا، واقتلع الملايين من بيوتهم والاف النساء اغتصبهن جنود البشير والموالون له.
ان جرائم رئيس السودان، كما تصفها لوائح الاتهام التي صدرت ضده تقطع “المعايير” الدارجة حتى في الانظمة الظلامية بشكل باعث على الصدمة. ولا يحق لحكومة "اسرائيل" أن تتجاهل الاعمال غير الانسانية التي اتخذها البشير والعمل من أجله فقط بسبب قراره قطع علاقاته مع ايران. فحسب هذا المقياس كان على "اسرائيل" أن تقطع علاقاتها مع تركيا، روسيا، بريطانيا وباقي دول العالم التي تقيم علاقات مع ايران. كما أنه لا يحتمل أن تكون الاعمال من أجل نظام موضع خلاف بهذا القدر تجري في الظلام، دون تقرير من المجلس الوزاري المصغر ولجنة الخارجية والامن، دون نقاش جماهيري وتحت ساتر من التعتيم الشديد من الرقابة العسكرية.
والأخطر من ذلك هو أن "اسرائيل" بصفتها محامية عن نظام رعب عديم الرحمة، تضعضع أكثر فأكثر مكانتها كدولة تسوق اخلاقيتها كذخر استراتيجي، بالنسبة لدول المنطقة. “فالصداقة” الاستراتيجية مع السودان ليست خطأ أخلاقيا فقط. فهي ستجر وراءها أيضا عداء استراتيجيا مع العالم المتنور.
• تحرير رأي اليوم ــ هآرتس
Views: 1