بهذا العام، يتجاوز عمر كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق خمسة وخمسين عاماً،
فقد قام مجموعة أساتذة من مصر وسورية، مختصين بالفنون التشكيليّة وهندسة العمارة، بإطلاقها العام 1960 تحت أسم (المعهد العالي للفنون الجميلة)، وكان يتبع يومها وزارة التربية، وفي العام 1963 تحوّلت إلى (كلية) تابعة لجامعة دمشق. خلال العقد الأول من عمرها، ضمت الكليّة قسمين: الأول يعنى بالفنون التشكيليّة، والثاني بهندسة العمارة (أُلحق القسم الثاني بكلية الهندسة المدنيّة بجامعة دمشق العام 1970، ثم تحوّل لاحقاً إلى كلية الهندسة المعماريّة الحالية)، لهذا كان من المفترض يومها، إطلاق اسم (كلية الفنون التشكيليّة) عليها بدلاً من اسمها الحالي الذي فقد مشروعيته بفقد الكلية قسم هندسة العمارة، وهذا الخطأ في المصطلح نجده في اسم (مديريّة الفنون الجميلة التابعة لوزارة الثقافة) و(نقابة الفنون الجميلة) الإطار التنظيمي للفنانين التشكيليين والتي تحوّلت اليوم إلى (اتحاد) لأن مصطلح (فنون جميلة) يشمل العمارة، والموسيقا، والشعر…إلخ، والمؤسسات الثلاث المذكورة، تعنى فقط بالفنون التشكيليّة.
غادر محترفات كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق إلى الحياة العامة في سورية، آلاف الاختصاصيين في حقول: الرسم والتصوير، والنحت، والحفر المطبوع، والاتصالات البصريّة (فنون الإعلان والتصميم الغرافيكي) والعمارة الداخليّة (الديكور بأنواعه)، ومازالت تتابع مهمتها في تأهيل وتدريب المزيد من المواهب الفنيّة الشابة (إضافة إلى كلية الفنون الجميلة الثانية في السويداء التابعة لها)، وتنتظرها مهام ووظائف عديدة مستقبلاً، ولاسيّما في مرحلة إعادة الأعمار، حيث سيكون للفنانين التشكيليين دورهم المهم والرئيس في هذه العملية، إن لناحية تعميم وربط اللوحات الجداريّة والنصب التذكاريّة والتماثيل (الاعتباريّة والتزيينيّة) بالتنظيم الجديد للمدن والبلدات المُعاد إعمارها، أو لناحية فرش الشارع بلوحات الإعلان، والمقاعد، وسلال المهملات، ولوحات الإرشاد والتوجيه، والآرمات..إلخ، أو لناحية استمرار خريجيها في إنتاج العمل الفني التشكيلي الإبداعي الموزع على الرسمة، واللوحة، والمنحوتة، والمحفورة المطبوعة، والملصق.. وغيرها، ضمن السياق الذي يساهم في تفعيل وتطوير الحركة الفنيّة التشكيليّة السوريّة المعاصرة، التي حققت حضوراً لافتاً على الصعيد المحلي والعربي والدولي.
من جانب آخر، وبعد الصيغة الفنيّة العالية، التي نُفذ بها «المركز الوطني للفنون البصرية» في جامعة دمشق، والمهام الوطنيّة والحضاريّة العظيمة المنوطة به، تعمل كلية الفنون الجميلة حالياً، على إعادة تأهيل بناها التحتيّة ومرافقها، لتواكب وتنسجم مع المركز: شكلاً ومضموناً، وفي الوقت نفسه، تشتغل على تطوير خطتها الدرسيّة للمرحلة الجامعيّة الأولى والعالية، ومبدأ القبول فيها، بحيث تتحقق فيها، المقومات والخصائص الأكاديميّة العالميّة الرفيعة.
وفي خطٍ موازٍ، تقوم بتطوير وتفعيل علاقة طالبها بمنجزه الإبداعي، من خلال إقامة معارض تخصصيّة دوريّة للمتميز واللافت من هذه المنجزات والمخرجات التعليميّة الأكاديميّة، في صالات عرضها وأروقتها، وآخرها المعرض المتميز لطلاب الاختصاص في قسم العمارة الداخليّة (الديكور) الذي ضم نماذج من نتاجاتهم الفنيّة خلال العام الدراسي 2015-2016 شملت التصميم الداخلي والصناعي والأثاث، كالمفروشات المنزليّة والمكتبيّة، وأدوات الاستخدام الشخصي، كقطّاعات اللاصق، والإنارة الجداريّة، وطاولات العرض، إضافة إلى مساقط وواجهات ومناظير، تُعالج الواقع الحالي لمدخل الكلية، وحدائق وجلسات طلابها، مقترحةً حلولاً جديدة ومعاصرة لها، تأخذ في الحسبان، شروط التنمية المستدامة، والحفاظ على البيئة، والخطة الموضوعة، لإعادة تأهيل الكليّة والنهوض بها من النواحي الخدميّة والعلميّة الأكاديميّة.
أما المواد والخامات التي استخدمها الطلاب في تنفيذ أعمالهم، فهي طبيعيّة كالخشب والحجر والكروم والزجاج، وحديثة مؤلفة من الألياف والبوليستر والكربون، وذلك ضمن سياق المعاصرة، والخروج عن المألوف، وطرح أفكار جديدة على صعيد الموضوعات المعالجة، مع الحفاظ على صحة وسلامة الوظيفة المنوطة بهذه التصميمات، وسهولة الاستخدام، والمحافظة في الوقت نفسه، على الناحية الجماليّة، وتأكيدها في التصميم ومادته، أو خامته.
Views: 4