باتت الروايات الأمنية مجهولة المصدر تغزو بعض المصادر الاعلامية المتعددة عند كل مفترق أو خضّة تحصل في البلاد لتزيد من الطين بلّة ولتعمل على تأجيج الرأي العام مستغلة الخواصر الرخوة التي يسهل اللعب عليها إن كانت طائفية أو مناطقية. تزداد الروايات هذه خاصة عند مباشرة المقاومة لعمل عسكري واسع في الجبهات الحدودية مع لبنان، وتبدأ الروايات بالظهور مستقاة عن “جهات أمنية” لتكون داعمة بإنتشار وتصديق ما يروى.
آخرها ما روي عن “تحركات تقوم بها مجموعات اصولية تضم إرهابيين من جنسيات شيشانية وافغانية دخلت المخيمات الفلسطينية الملاصقة لضاحية بيروت الجنوبية من اجل تنفيذ إستهدافات عبارة عن اعمال تفجيرية – إنتحارية توازياً مع دخول آخرين منطقة وادي خالد في عكّار عبر جوازات سفر فلسطينية مزورة خلال الايام الماضية لتكون مجموعات دعم لوجستية لتلك التي في بيروت”. وتابعت الرواية التي قيل انها مستقاة عن “مصادر أمنية”، أن “قيادات من أصول عربية تقود هذه الخلايا التي عملت على تدريبها سابقاً بهدف القيام بعمليات إرهابية خاطفة، سواء عبر تفجير سيارات أو اللجوء الى عمليات إنتحارية وإنغماسية داخل أحياء يتواجد فيها مراكز تابعة لحزب الله”.
وعلى قدر المخاطر المحدقة من خلال ما روي، كان لا بد من متابعة الموضوع مع مراجع أمنية وحزبية وسياسية عالية الإطلاع لتكوين صورة واضحة عن حقيقة ما يتم تداوله، خاصة وان تلك الروايات باتت مصدر رعب للبنانيين الذين باتوا يتصورون السيناريوهات العراقية والسورية تتطبّق في لبنان!.
الوجهة الاولى كانت نحو مخابرات الجيش اللبناني المولجة متابعة هذه الملفات. “ما يروج مضخّم”، هذا ما تخلص إليه مصادرها لـ “الحدث نيوز”، وتضيف في سياق شرحها لما يُسرّب: “هناك عناصر أمنية تقوم بتسريب تقارير مستقاة عن مخبرين على الارض تكون عبارة عن إفتراضات أو خلاصة متابعة وتحليلات فردية إلى جهات صحافية وتقوم الاخيرة بترويجها على أساس انها إستمارات أمنية صادرة عن الاجهزة، وهذا غير صحيح”.
وتوضح المصادر الخاصة بـ “الحدث نيوز”، ان “التقارير التي تُسرب على انها إستمارات أمنية تحمل ارقاماً، هي في الحقيقة بلاغات مصدرها مخبرون يقومون بإرسالها إلى شُعب المناطق التي تقوم بدورها بإرسالها إلى قيادة المخابرات وتعطيها رقم إستمارة بهدف تحليلها ومتابعة صحتها، وهنا، وقبل المتابعة يقوم البعض بتسريبها إلى الاعلام على انها معلومات مؤكدة تنشر في الصحف او غيرها، ولاحقاً وبعد متابعتها يتبين ان مقدار صحتها لا تتعدى الـ 10% كأبعد تقدير”، مؤكداً ان “ما ينشر من معلومات غير صادر عن الاجهزة الامنية ابداً وهو إجتهادات إستخبارية، او صحافية لا تمت للحقيقة”.
ومن أجل إتضاح الصورة أكثر إتصلت “الحدث نيوز” بالاعلامي “سالم زهران” المتطلع عن كثب حول الامور الأمنية في الضاحية والمتميز بعلاقات جيدة مع الاجهزة، حيث نفى نفياً قاطعاً وجود عناصر أجنبية، شيشانية او غيرها في خواصر الضاحية الجنوبية واضعاً ما يروج بإطار “الحرب النفسية”.
وكشف لـ “الحدث نيوز” ان معلومات الأجهزة الأمنية، “لم تلحظ وجود اي طرف أجبني دخل إلى مخيمات الضاحية الجنوبية أو عكار، كما ان التقارير الامنية الواردة والتي حوت معلوماتٍ من هذا النوع تبين انها زائفة وان مصدرها مخبرون هدفهم جمع المال، وبعد سلسلة تعقب ظهر ان ما ورد إلى جهاز المخابرات هو عبارة عن إجتهادات شخصية وغير واقعي”. وأوضح ان بعض “الجهات الامنية الحزبية الفلسطينية قامت بإيصال معلومات حول انشطة مشبوهة وبعد امتابعتها من قبل ألجهزة الدولة تبين انها كلام بكلام وانها مستقاة عن مخبرين مأجورين”.
وكشف لـ “الحدث نيوز” ايضاً، عن أسماء وردت إلى أجهزة أمنية متعلقة بدخول قادة بتنظيم القاعدة إلى المخيمات المتاخمة للضاحية تبين لاحقاً بعد متابعتها انها قتلت قبل سنوات في العراق، واخرى غير موجودة اصلاً في قائمة التنظيم، مؤكداً “عدم دخول شيشاني واحد هذه المناطق وإن دخل ستصل المعلومات إلى حين يجب ان تصل”.
وحول المخاطر المتربصة بالضاحية، إعتبر زهران ان “الخطر قد زال بمجرد إنتهاء سيطرة المسلحين في القلمون وإنتهى أكثر بزيادة التدابير الامنية في الضاحية، فوجود حزب الله على الحدود وتعاونه الكامل من حيث المعلومات والتنسيق مع الاجهزة الامنية ادى لاعطاب 80% من قوة الارهابيين وإمكانياتهم، وما يشاهد في الضاحية من اجراءات امنية هي امور إحترازية روتينية”.
الجهات الفلسطينية ابدت صدمتها بما ينشر خاصة بما يتعلق بوجود إنتحاريين وإنغماسيين في مخيمات الضاحية الجنوبية. وأبدى مسؤول ساحة لبنان في حركة فتح – الإنتفاضة السيد “ابو إيهاب” لـ “الحدث نيوز” خشيته من ان تكون هذه المعلومات تهدف إلى خلق بيئة مشحونة من الكره الممنهج نحو الفلسطينيين في الضاحية لما له من تداعيات في حال تحققت تخدم مآرب المتسلطين”.
وقال ان “الساحة الفلسطينية ممسوكة امنياً من قبل الفصائل منذ مدة وانها تفتح تنسيقاً امنياً عالياً مع الدولة والمقاومة للحؤول دون إستغلال المخيمات لامور اجرامية إرهابية”.
ورداً على سؤال حول الاجراءات التي تقوم بها الفصائل، قال ان “الجهات المكلفة بالامن تترصد دخول الغرباء وهي تقوم بجمع معلومات عن كل غريب يدخل والقيام بعمليات مسح وتجميع (سي في) عنهم خاصة السوريين وتراقب نشاطهم، وتقوم دورياً بعمليات رصد ومتابعة لاي مشتبه فيه وتقوم بتقديم معلومات أمنية حول اي امر مشبوه ومقاطعته مع اخرى من الدولة، وإلى اليوم، لم يلاحظ وجود اياً من الذين يتم الحديث عنهم”. ورداً على سؤال حول جهات فلسطينية تقوم بتسريب معلومات أمنية مغلوطة لاجهزة الدولة او جهات صحافية قال: “خارج النسيج الفلسطيني ومنبوذة”.
إلى ذلك، أبلغت مصادر أمنية رفعية في حزب الله، “الحدث نيوز”، ان ما يروج حول عمليات إنغماسية أو إنتحارية أو تفجيرية تُحضر على تخوم الضاحية لاستهداف أحياء سكنية أو مناطق أمنية او مقار خاصة بأحزاب المنطقة، او ما يروج عن دخول شيشان وافغان واجانب وتخفيهم في مخيمات فلسطينية هو امر “منفي تماماً ولا يمت للحقيقة بصلة ولم ترد اي معلومات متعلقة بهذا الشأن”.
ووصفت ما يتم تداوله بأنه “يأتي في إطار الحرب النفسية المشنة على المقاومة”، مؤكدةً انه “منذ اشهر لم يرصد حزب الله اي عمل أمني مشبوه في الضاحية وكل المعلومات التي وردت إليه بتنسيق مع اجهزة فلسطينية او لبنانية مستقاة عن مخبرين، تبين انها غير واقعية ومضخمة”.
Views: 18