قبيل وصولها إلى الأرض بسنتيمترات قليلة، التقط المنتجون
اللبنانيون الدراما السورية، وانقذوها من الارتطام بالقاع، ثم أوقفوها على
قدميها، وبدأوا باستثمارها.
الحرب وتداعياتها السياسية والاقتصادية والفكرية، دفعت بالدراما السورية من الطابق العالي الذي كانت تسكنه، حتى كادت تتحطم، لكن اللبنانيين (البارعين) رأوا الفرصة فعرفوا كيف يستفيدوا منها، وبالطبع فقد أثبت الموسم الحالي أن الدراما السورية نفسها قد استفادت من هذا الاستثمار، وعادت للتنفس، وبدأت باستعادة مكانتها على الشاشات العربية.
خلال سنوات الحرب المفروضة على سورية، ظهرت مجموعة من الأعمال الدرامية السورية بمشاركة كبيرة وأساسية من قبل نجوم الصف الأول في لبنان، بغض النظر عن المستوى المتفاوت في أداء هؤلاء، وعمدت شركات الانتاج إلى البحث عن نجمة لبنانية ترافق نجم سوري في قصة حب غريبة، بعضها مستنسخ من أعمال أجنبية، ولكن الغاية لم تكن تقديم منتج فني متميز، بقدرما كانت رغبة من شركات الانتاج بالاستمرار في العمل، والبحث عن الأرباح.
الأعمال المشتركة كانت حلاً لتوقف أعمال شركات الانتاج، فالعقوبات
المفروضة على سورية منعت القنوات الخليجية التي قدرت بطاقاتها المالية
الضخمة على أن تجعل من نفسها “شاشة أسرة”، وﻷن الانتاج كان من أجل الانتاج،
فلابد عن إبداع في التسويق، بغض النظر عن عمق العمل، لذا كان الممثلين
الاكثر تسويقا كـ “تيم حسن – قصي خولي – عابد فهد”، نجوم لهذه الأعمال على
اختلاف مسمياتها، إلا أنك كمتلقي لن تجد فروقا كبيرة في بنية الصورة.
العقوبات الاقتصادية، جعلت من ضرورة إشراك ممثلين من جنسية غير سورية في
الأعمال ضرورة للتسويق، فعلى عقود الاتفاق بين الشركة المنتجة والجهة
العارضة، يكون اسم العمل “مسلسلا عربيا مشتركا”، يخرج القنوات الخليجية من
دائرة الاتهام بخرق العقوبات المفروضة على سورية من خلال التعامل مع شركات
الانتاج العاملة في سورية، دون أن يكون ثمة أي حاجة فنية لإشراكهم، مع
الإشارة هنا إلى أن الكثير من نجمات سورية يحضين بمتابعة أكبر من “عارضات
الأزياء” اللبنانيات اللواتي يتم إشراكهن في المسلسلات السورية.
في كثير من هذه الأعمال المشتركة، تكون النجمة “سلعة تسويقية”، لا أكثر للعمل الذي سيجلب أكبر عدد من المتابعين، لتحقق القناة التي تشتري العمل مردودا ماديا ضخما، فالممثلات اللبنانية عموما، لسن خريجات معاهد أو كليات مختصة، غالبا ما كان عنصر الجمال هو المؤثر في مسيرتهن الفنية، وطريقة الإلقاء التي تقدمها “نادين نجيم”، في مسلسلاتها كاملة لا تجعلك تفرق كثيراً بين شخصية وأخرى، سوى إنها تجتهد باستخدام مفردات إنكليزية في هذا العمل، وفرنسية في ذاك، في حين إن مشاركة “سيرين عبد النور” في عملين سوريين مختلفين جذريا، كـ “قناديل العشاق”، مع “محمود نصر”، وإخراج “سيف الدين سبيعي”، و مسلسل “الهيبة” في جزءه الثالث، لم تقدم فروقا حسيا في الأداء، سوى إنها لم تستخدم مفردات أجنبية في “قناديل العشاق” لكون الزمن المفترض لم يكن يسمح بذلك، وبالحديث عن مشاركة “سيتفاني صليبي”، في “دقيقة صمت”، لـ “شوق الماجري”، وكاتبه “سامر رضوان”، كان من الممكن جداً وببساطة أن تكون فتاة سورية عادية، تقوم بأداء دورها أي ممثلة سورية دون اختلاق حكاية إنها “لبنانية”، غير إن “ضرورة التسويق”، تفرض ذلك.
إن اعمال درامية تقوم على فكرة تحقيق الربح، ويمكن وصفها بـ “التجارية”، لا يمكن أن تقدم أي إضافة فنية للدراما السورية، ومع الاحترام الشديد لنجوم من وزن “رفيق علي أحمد – عبد المجيد مجذوب – عمار شلق”، فإن الممثلة اللبنانية عموماً، تفتقر لأدوات الإقناع، ذلك إنها لا تجيد تصديق النص قبل أن تؤديه، إلا من رحم ربي.
Views: 4