مقررة الأمم المتحدة أنييس كالامار، تتهم محمد بن سلمان بالمسؤولية عن جريمة دولية. لكن إذا لم تؤدِ مطالبتها بتحقيق دولي إلى محاكمة ابن سلمان ومحاسبته بسبب دعم الإدارة الأميركية والحكومات الغربية، فإن صدور التقرير يلف الخناق عليه ويهدد باعتقاله في أي دولة غربية على الرغم من دعم حكومتها لابن سلمان.
مقررة الأمم المتحدة أنييس كالامار، تتهم محمد بن سلمان بالمسؤولية عن جريمة دولية. لكن إذا لم تؤدِ مطالبتها بتحقيق دولي إلى محاكمة ابن سلمان ومحاسبته بسبب دعم الإدارة الأميركية والحكومات الغربية، فإن صدور التقرير يلف الخناق عليه ويهدد باعتقاله في أي دولة غربية على الرغم من دعم حكومتها لابن سلمان.
في تقريرها بعد 6 أشهر من جمع الأدلة والتحقيق، تخلص أنييس كالامار إلى “وجود أدلّة موثوقة تستوجب التحقيق مع مسؤولين كبار في السعودية بينهم ولي العهد محمد بن سلمان”. فهي تشير إلى جريمة ارتكبتها الدولة السعودية وتطالب بتحقيق دولي وتحقيق الاستخبارات الأميركية التي كانت على علم بمحاولة اختطاف جمال خاشقجي، وتطالب بولاية قضائية عالمية يمكن أن يتبناها مجلس الأمن الدولي أو مجلس حقوق الانسان في الأمم المتحدة أو الأمين العام للأمم المتحدة. وهي 3 أطراف معنية بطلب التحقيق والمحاكمة، لكن قرارها في القبول أو الرفض هو قرار سياسي مرهون بقرار أميركا والدول الغربية في نهاية المطاف.
التقرير يقرّ في إشارته إلى مسؤولية الدولة السعودية عن الجريمة، بأنها جريمة سياسية أساساً بالإضافة إلى الاتهامات القانونية الأخرى. وفي هذا الشأن تتهم كالامار السعودية كما تتهم تركيا بعدم مراعاة معايير التحقيق القضائية. بل تتهم أيضاً الدول الغربية وتركيا بالتواطؤ مع السعودية لأنها وافقت على حضور محكمة الرياض بصفة “شهود”، من دون أن يحق لها المساءلة والتدخل في أعمال المحكمة أو أن تنبس ببنت شفة في السر والعلن.
الدول الغربية التي تطلق بين الحين والآخر تصريحات تنمّ عن أنها تقدّم من طرف اللسان حلاوة، يعبّر ترامب بطريقة فجّة عن قرارها الفعلي بدعم السعودية وابن سلمان سواء بما عنى جريمة قتل خاشقجي أم بما عنى جرائم العدوان على اليمن وحقوق الإنسان داخل السعودية. فترامب يعلن بالفم الملآن أنه يتغاضى عن التفاصيل مقابل الاحتفاظ بحماية ابن سلمان بسبب حلاوة الصفقات التجارية ونهب الأموال، وبسبب آخر يسميه ترامب “الشراكة” وهي المراهنة على ابن سلمان في التحالف مع “إسرائيل”. ولا تختلف الدول الغربية الأخرى عن ترامب في حماية ابن سلمان، بأكثر من بعض التنميق.
في هذه الظروف، يبدو أن طريق المطالبة بتحقيق دولي ومحاسبة “الولاية القضائية العالمية”، تقفله الدول الغربية في مجلس الأمن وفي مجلس حقوق الإنسان وأمام الأمين العام للأمم المتحدة. لكن “نطاق الولاية القضائية العالمية” يتجاوز الحكومات والدول، إلى اختصاص المحاكم الوطنية في بعض الدول التي وقّعت على “اتفاقية روما” كالدول الغربية. وهذا الأمر يختص به القضاء الوطني الذي يقبل دعوى تتقدم بها جمعية حقوقية للنظر في شكوى ضد الجرائم الدولية كجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وغيرها.
بعض المحاكم الوطنية في هذه الدول تقبل الدعاوى على الرغم من القرار السياسي لحكومات الدول المعنية بالمحاكم الوطنية. وفي هذه الحال لا تستطيع الحكومات وقف الدعاوى ولا وقف عمل المحكمة. ففي العام 1982 تقدّمت بعض الجمعيات بشكوى أمام القضاء البلجيكي ضد أرييل شارون على خلفية مجازر صبرا وشاتيلا، ولم تستطع حكومة بلجيكا إيقاف قرار المحكمة باعتقال شارون في بلجيكا هو ما منع شارون من زيارة بلجيكا خوفاً من الاعتقال والتحقيق.
في كانون الثاني/ يناير عام 2018 اضطر ابن سلمان إلى تأجيل زيارة بريطانيا “إلى أجل غير مسمى” بعد أن تقدمت جمعية بريطانية بشكوى قضائية ضده على خلفية جرائم العدوان على اليمن. وفي نيسان/ أبريل عام 2018 تقدمت منظمة غير حكومية في فرنسا بشكوى ضد ابن سلمان بتهمة “التواطؤ بالتعذيب” في اليمن. ولم تستطع الحكومة الفرنسية أكثر من الضغط على النائب العام لتأجيل التحقيق 3 أيام ريثما ينهي ولي العهد زيارته إلى باريس في 10 نيسان/ أبريل وتوقيع بروتوكول اتفاقيات عقود بـ 18 مليار دولار.
هذا الاتجاه نحو المحاكم الوطنية ضد ابن سلمان، محتمل جداً في الكثير من الدول. وهو من شأنه تقييد حركة الأمير السعودي في العواصم الدولية. فتقرير كالامار ليس الطريق الشافي للعدالة الدولية في التحقيق ومحاسبة ابن سلمان. لكن التقرير يسند التحرّك لشد الخناق على ولي العهد الذي يتعرّض لضغوطات متزايدة أنهت بسرعة قياسية احتفالات الترويج إلى رجل الإصلاح والانفتاح والتحديث في السعودية.
المصدر : الميادين نت
Views: 5