كثيرة هي المآزق التي وقع فيها أردوغان ونظامه نتيجة سياسة خرقاء قائمة على الأطماع بأراضي الغير من خلال الاعتداء على دول الجوار، ولكن عمله الأحمق بتورطه في عدوان غاشم على الأراضي السورية وما أطلق عليه زوراً «نبع السلام» وضعه في المأزق القاتل بل الأشد خطورة على مستقبله السياسي، ولم يستطع اتفاقه الأخير مع نائب الرئيس الأمريكي بنس ووزير الخارجية بومبيو أن يخرجه من عنق الزجاجة فلا هو قادر على الهروب إلى الأمام والحصول على ما كان يتمنى من عدوانه الغاشم، ولا هو قادر على التراجع بعد أن ملأ الدنيا صراخاً وجعجعة وعنتريات ووعوداً للداخل «بإنجازات كبرى على صعيد الأمن القومي لتركيا».
ولعل ما زاد من مأزق أردوغان أن سيف العقوبات الأمريكية لم يرفع إلا بصورة مؤقتة ومازال مشهراً بوجهه ويهدد اقتصاد تركيا بالانهيار في كل يوم، فضلاً عن الإدانات الدولية الشديدة والتنديد العالمي الواسع النطاق بعدوانه وحتى الدول الأوروبية وحلفاؤه في الـ«ناتو» وفي المقدمة فرنسا وألمانيا تداعت لفرض العقوبات القاسية على النظام التركي ووقف تزويده بالسلاح وحذف تركيا من قائمة الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي نهائياً، وبات نظام أردوغان منبوذاً ومعزولاً على المستوى الدولي بأسره وبدأت الليرة التركية تهبط إلى أدنى مستوياتها بينما يشهد الاقتصاد التركي الذي طالما تغنى به أردوغان تراجعات حادة.
وجاء تقدم الجيش العربي السوري السريع والمفاجئ وانتشاره الواسع في منبج وعين العرب وريف تل تمر وقرى وبلدات عديدة واستمراره في تحرير الشرق والشمال السوري ليقطع الطريق على ما كان يخطط له نظام أردوغان في «السيطرة» على الجزيرة السورية، وفضح استقدامه لفصائل من عصابات «جبهة النصرة» في إدلب لتكون رأس حربة في عدوانه على الأراضي السورية مدى الترابط العضوي بين نظام أردوغان والتنظيمات الإرهابية على مختلف مسمياتها.
أكاذيب أردوغان حول مايسميه «مسوغات إقامة المنطقة الآمنة» أضحت مكشوفة ولم تعد تقنع أحداً وليس أمامه للخروج من مأزقه الشائك سوى العودة إلى اتفاق أضنة وإلا فإن عدوانه سيرتد عليه هزيمة نكراء لا يتوقعها.
Views: 17