أرجع مركز «مداد» للأبحاث والدراسات عودة سعر الصرف إلى الارتفاع مجدداً على نحو تصاعدي، ارتفاع سعر الصرف إلى ثلاثة أسباب أهمها: عودة الحديث عن زيادة العقوبات الاقتصادية على البلاد والمفروضة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، إضافة إلى التوقعات بزيادة الطلب المحلي على الدولار في ظل الحديث عن الحاجة لاستيراد بعض السلع الضرورية كالمحروقات .
من جهة أخرى، نقلت صحيفة "تشرين" عن الخبير الاقتصادي سنان ديب قوله إن تداخل عدة أسباب أدت إلى حصول ارتفاع جديد في سعر الصرف منها الحالة النفسية من جراء الوضع المحلي والإقليمي والعالمي برغم أنها غير مبررة، فالأزمات لبعض السلع مترافقة بقائمة العقوبات الي صدرت بحق بعض الشخصيات ولائحة العقوبات التي تُعد لها الولايات المتحدة مصحوبة بـ«بروبغندا» إعلامية كبيرة كنوع من الإرهاب الاقتصادي ضد سورية ووجود أدوات داعشية مساندة لحالة كهذه عملت على المضاربة لتكريس حالة من هلع معين وإظهار تأثر السوق بها مترافقة مع فرق عمل على أدوات التواصل لإظهار حالة من هبوط سعر الليرة، وهو هبوط نتيجة مضاربات ولعب لا يمثل حقيقة السوق.
وشدد د.سنان أن هذا الأمر ستنتج عنه ظاهرة خطيرة إن لم يعمل على احتوائها تتكرس لفرض أمر واقع تواتري لسعر دولار مرتفع بعيدٍ عن الواقع، وزاد الطين بلة استمرار قيام السياسة النقدية بدور المتفرج والتابع للسوق، مستغرباً أنه حتى اليوم تفاجأ السياسة النقدية بهذه التحولات برغم وجود الكثير من المؤشرات والأحداث التي يمكن من خلالها أن تأخذ دور القائد لسعر الصرف.
ولفت إلى جملة من الأسباب أدت إلى ارتفاع سعر الدولار الأخير مصحوباً بحملة إعلامية هدفها محاربة البلد اقتصادياً، لافتاً إلى أن أهم السبل لمواجهة ذلك الإعلام والتوضيح بشكل واقعي عبر شرح ما يجري ويعطي ثقة لم تفقد وسط أصعب الظروف، فكيف بظروف يمكن السيطرة عليها من خلال اتباع سياسة نقدية واضحة السلوك والأغراض ومواجهة السوق السوداء ومن يقف وراءها بعقوبات كبيرة، لأن هدفها تدمير البلد اقتصادياً، مع العمل على ضبط الاستيراد ولاسيما أنه لايوجد نقص بالاحتياطي، .
ولا ترى الباحثة الاقتصادية د.رشا سيروب أي مبرر اقتصادي منطقي يمكن نسب سعر الصرف إليه، وإنما يرجع ذلك في رأيها إلى الأخطاء المتتالية لسياسات مصرف سورية المركزي منذ بداية الأزمة في كيفية التعامل مع ملف القطع الأجنبي، لكن تعود لتؤكد أنه في حال أردنا نسب تغيير سعر الصرف إلى سبب اقتصادي أي ازدياد الطلب على الدولار يمكن أن نعزو ذلك إلى الصفقات الضخمة التي حدثت مؤخراً في سورية لبعض رجال الأعمال في شراء عقارات وأسهم واستحواذهم على مشروعات بمليارات مليارات الليرات، ولكن في الأغلب تمت فعلياً بالدولار الأمريكي. وأشارت إلى أنه لا يمكن نكران أن الأوضاع الدولية والإقليمية فرضت نفسها على المتغيرات الاقتصادية ومن ضمنها سعر الصرف، إلا أنه يجب عدم تجاهل غياب وضعف الرقابة الفعالة من المصرف المركزي على شركات ومكاتب الصرافة و «الصرافين السود»، أو ما يصطلح عليهم الشقيعة.
وعدّت د.سيروب أن السؤال الأهم يتمحور عما إذا كان لدى المواطن مشكلة عند وصول سعر الدولار إلى مستويات أعلى مادام غير قادر على الحصول على السلع والخدمات بأسعار تناسب دخله، لافتة إلى أن مشكلة سعر الصرف التي يعانيها في حال أي ارتفاع في سعر الصرف تقابله زيادة فورية ومضاعفة في أسعار السلع والخدمات، لكن الانخفاض في سعر الصرف (في حال حدوثه) لا يقابله انخفاض فوري وسريع، هذا يعود بنا مرة أخرى إلى الحديث عن غياب الرقابة الفعالة.
وشددت د.سيروب على الحاجة الماسة إلى التفكير من خارج الصندوق واتخاذ آليات وأدوات مبتكرة تناسب معطيات المرحلة، وليس استخدام الأدوات الاقتصادية نفسها لعقود وبرغم اختلاف الظروف والمعطيات
Views: 4