في ظل الجمود الحكومي وعدم دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون حتى الساعة النواب لاجراء مشاورات ملزمة لتسمية رئيس للحكومة، يتوالى وصول الموفدين الدوليين الى بيروت للاطلاع على مجريات الأوضاع، والاستماع الى آخر المعطيات في ظل الانحدار السريع الحاصل على كافة المستويات السياسية والمالية والاقتصادية والاجتماعية.
فبعد زيارة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو بيروت منتصف الشهر الجاري، وتأكيده للمسؤولين اللبنانين الذين التقاهم اهتمام باريس بالوضع في لبنان واستعدادها لمساعدته في الظروف الراهنة، أجرى أمس المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية ريتشارد مور جولة محادثات مع كبار المسؤولين اللبنانيين بحث خلالها في مجمل الأوضاع اللبنانية، مؤكداً الحاجة الملحة لتشكيل حكومة جديدة بسرعة لتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية وتنفيذ سياسات تعكس تطلعات الشعب اللبناني واستعادة الاستقرار.
في الاثناء، تحدثت بعض المعلومات عن امكانية زيارة موفد روسي للبنان في وقت قريب، فسألت «اللواء» مصادر سياسية رفيعة المستوى عن هذا الامر فنفته نفياً قاطعاً، وأشارت المصادر الى أن هناك اهتماما دوليا جديا بتطورات الوضع اللبناني الدقيق في هذه المرحلة، وأن ثمة تأكيدا على مساعدة لبنان لتخطي الأزمة التي يمر بها، وإعادة الاستقرار اليه.
وتؤكد المصادر في الوقت عينه عدم ارتباط التحركات الجارية على الارض من قبل المتظاهرين بأي من المواقف الدولية التي تصدر من هنا وهناك أو تحركات الموفدين باتجاهه.
وحول حقيقة الموقف الروسي مما يجري في لبنان، خصوصا وأن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف كان أطلق في وقت سابق من هذا الشهر موقفاً لافتاً حول موضوع تشكيل حكومة تكنوقراط، معتبراً بأنه أمر غير واقعي في لبنان، ترد المصادر بأن موقف لافروف تم توضيحه ان كان على لسان الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الاوسط وبلدان افريقيا نائب وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أو على لسان السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين.
وتكشف المصادر أن الجانب الروسي يعتبر ان الكلام الذي صدر عن لافروف مجرد فكرة وموقف شخصي، وليس بياناً رسمياً يعبر عن الموقف الروسي الرسمي من الموضوع.
وتنقل المصادر عن الجانب الروسي تأكيده ان شكل الحكومة المقبلة هو أمر لبناني داخلي، وتشدد على ان موسكو يهمها الاستقرار الداخلي، لان عدم الاستقرار في لبنان يؤثر على المنطقة، لا سيما الوضع في سوريا وهذا ما لا يريده الجانب الروسي، وتشدد المصادر على ان الجانب الروسي يتعاطى مع جميع الاطراف في لبنان من أجل ايجاد مخارج وحلول للمساعدة ومن اجل تقريب وجهات النظر فيما بينها، وفي المقابل تؤكد المصادر ان روسيا تدعم الرئيس سعد الحريري وباستمراره في ترؤس الحكومة نتيجة الدور الايجابي الذي يلعبه، لا سيما ان التعاطي معه كان ايجابياً جداً من خلال العلاقات التي تجمعه مع القيادة الروسية.
وعن اللقاء الذي جمع المبعوث الخاص للرئيس الحريري جورج شعبان مع بوغدانوف في موسكو الاسبوع الماضي، تؤكد المصادر ان الاجتماع جاء نتيجة التطورات اللبنانية الاخيرة، والهدف منه شرح وجهة نظر الرئيس الحريري للجانب الروسي من موضوع تشكيل الحكومة، واطلاعهم على حقيقة ما يجري في الساحة الداخلية اللبنانية في ضوء الحراك الشعبي الذي بدأ في 17 الشهر الماضي وأدى الى تقديم الرئيس الحريري لاستقالته.
وأضافت هذه المصادر، ان روسيا لا تدعم فريقاً لبنانياً معيناً، بل تتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، والجانب الروسي داعم وبشكل واضح وصريح للرئيس الحريري، وروسيا تتطلع الى تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن من خلال التفاهم بين كافة الاطراف اللبنانية، لان لدى الروس مصالح في لبنان ومصالح في سوريا أيضاً.
وذكرت المصادر أن المساعدات الروسية للبنان لا زالت سارية المفعول، وهي داعمة له على كافة الاصعدة، وتنتظر ان يستعيد لبنان استقراره الداخلي، وتشكيل الحكومة المقبلة من اجل استئناف تقديم المساعدات.
كما اشارت المصادر إلى ان روسيا تتواصل مع افرقاء دوليين من اجل المساعدة على حل الازمة اللبنانية والاهتمام بكيفية الوصول الى عودة الامن والاستقرار اليه.
يبقى الوضع الداخلي في لبنان محور اهتمام عواصم القرار وأكثر من دولة إقليمية في ظل ما يعيشه البلد من أزمات مستعصية ولا سيما أن الأمور وفق المعطيات والمؤشرات الموجودة على الأرض تنبئ بتطوّرات على غير صعيد سياسي وأمني وأقتصادي وخصوصاً في ظل استفحال الأوضاع المالية في البلد على ضوء هذا التدهور الذي يطغى على ما عداه مما سيؤدّي وفق الأجواء المتوفرة إلى تدخّلات دولية بدأ الحديث عنها من خلال الحراك الفرنسي والأميركي والروسي بغية التوصل إلى صيغة أو تسوية تنقذ لبنان من الوضع الذي يعانيه على كافة المستويات.
ولكن أن أكثر من مصدر سياسي مطّلع يؤكد بأن الإنقسام بين المكوّنات والقوى السياسية المحلية فذلك بدأ يقلق الجميع خصوصاً على ضوء عودة الإصطفافات التي كانت قائمة بين فريقي 14 و8 آذار، وهذه المسألة إنما تؤشر على عامل سلبي يبقي لبنان في دائرة الخطر الشديد ناهيك عن فرملة الأوضاع الإقتصادية والمالية نظراً لارتباطها الوثيق بالتوافق السياسي والذي عاد ليتفاقم على خلفية الحراك الشعبي في الشارع والساحات ومن هذه الزاوية فإن هناك قلقا ومخاوف من أي صدام أو إشكالات تجري في الشارع وهذا ما تحذّر منه قيادات مواكبة ومتابعة لمسار الأوضاع برمّتها.
من هنا فإن هذه المرحلة وما تحمله من قلق ومخاوف على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والمالية فهناك مؤشرات تنقل عن جهات تؤكد بأن اتصالات تجري بعيداً عن الأضواء بين الرؤساء الثلاثة ومعنيين بالأزمة على خلفية التوافق السياسي التام على خط التكليف والتأليف بشكل سريع من أجل احداث صدمة لدى الناس ولا سيما أن الشارع لا زال يتفاعل.
ولم يلمس أي تجاوب مع المسؤولين لا بل أن الأوضاع تتفاقم وتتدهور بفعل عدم اللامبالاة من قبل البعض وصولاً الى الهواجس على خلفية الغلاء المستشري ومن ثم تدهور الوضع المالي والمصرفي وبناء على هذه الأجواء والمعطيات فإن هناك أيام حاسمة ومفصلية من أجل الخروج من هذه المعضلة وإيجاد الحلول السريعة التي يمكن البناء عليها وإن كانت الإتصالات وفق المتابعين حتى الآن تدور في حلقة مفرغة وخصوصاً على خط التكليف الذي له شروطه وظروفه إلى شكل الحكومة الذي يبقى العامل الأبرز لاستمرار الخلافات والانقسامات بين الرؤساء وخصوصاً على صعيد من يطالب بحكومة تكنوقراط ومن لا زال متمسّكاً بحكومة تكنوسياسية.
وأخيراً فإن الأيام القادمة تعتبر الأصعب على الصعيد اللبناني نظراً لخطورة الأوضاع ولكن هناك اتصالات تجري من بعض الدول الغربية من أجل حل هذه المعضلة إن على صعيد الوضع الحكومي أو الإقتصادي لا سيما أن المجتمع الدولي قلق على ما يحيط بلبنان من مخاطر سياسية ومالية وبالتالي لا يمكنه حصر اهتماماته بالملف اللبناني على ضوء ما يحصل في العراق وفلسطين وإيران.
Views: 1