بزّ ترامب الإنكليزي بلفور صاحب الوعد المشؤوم وكل من سبقه من الرؤساء والمسؤولين الأمريكيين في الانحياز للكيان الصهيوني وإعطاء ما لا يملك إلى من لا يستحق وأكثر مما حلم به أو توقعه أي صهيوني على وجه الأرض، وبعقلية النخّاس وليس تاجر العقارات فقط أقدم ترامب على صفقة العار أو صفقة النخاسة التي سميت «صفقة القرن» ليعطي الإسرائيليين ما تبقى من أرض فلسطين المحتلة محولاً ملايين الفلسطينيين هناك إذا ما مضت الصفقة وفق ما هو مرسوم لها إلى «رقيق» لدى قطعان المستوطنين المحتلين.
لقد استعجل ترامب بعقد الصفقة المشؤومة لعدة أسباب تتعلق بالوضع المأزوم الذي يمر فيه هو وصاحبه نتنياهو، فهو طبقاً لمبدأ المنفعة المتبادلة يأمل ضمان أصوات اليهود الأمريكيين في انتخابات الرئاسة الأمريكية قبل نهاية العام الحالي، ويأمل أيضاً ضمان مساندته من اللوبي الصهيوني في المحاكمة الجارية له أمام مجلس الشيوخ استناداً إلى قرار الكونغرس بعزله وفي الوقت نفسه يكون قد رفع من شعبية نتنياهو في الانتخابات الوشيكة في كيان العدو الإسرائيلي ما قد يساعده في المحاكمة المرتقبة له بتهم الفساد التي تلاحقه هو وزوجته منذ أكثر من سنتين.
وليس بعيداً عن الواقع القول: إن الصفقة الأخطر في تاريخ القضية الفلسطينية ما كانت لتتم لولا تواطؤ العديد من أنظمة التخاذل العربي التي غدرت بالشعب الفلسطيني، وخانت القضية المركزية للأمة العربية، وكان ملتقى البحرين الذي ترأسه صهر ترامب جاريد كوشنير في العام الماضي خطوة خيانية مكشوفة للبدء بتنفيذ «صفقة القرن» وبتمويل قدر بخمسين مليار دولار من خزائن بعض دول الخليج التي نسيت القدس والمقدسات وفي المقدمة المسجد الأقصى وراحت تهرول وراء التطبيع المذل مع العدو الإسرائيلي.
لا يمكن لصفقة النخاسة الترامبية التي أعدها في ليل بهيم وفي ظل ظروف عربية عصيبة أن تغير حقائق الجغرافيا والتاريخ، وطوال عمر القضية الفلسطينية الذي يربو على السبعين عاماً مرت عليها عشرات الصفقات وما لا يعد من الخيانات لتصفيتها وسقطت جميعها، ولن تكون صفقة ترامب استثناء بل سقوطها سيكون حتمياً
Views: 2