مع انتشار أفران الخبز الحديثة على الرغم من انتشار تقنيات العصر الاستهلاكية الحديثة ومنها أفران الخبز الحديثة في معظم القرى وتجمعات البادية السورية التي تعمل على آلات حديثة ومن خلال دقيق مطحون لدى مطاحن آلية، فإن العديد من الأسر السورية الريفية والبدوية ما زالت مصرة على التمسك بالتنور لإنتاج الخبز. ولا يزال العديد من زوار مناطق الريف والبادية السورية يشاهدون ريفيات يعجن دقيق القمح الأسمر البلدي ويقمن بإنضاجه في تنور المنزل المفتوح ليشكل منظرا فلكلوريا جميلا يبقى في ذاكرة الزائر لفترة زمنية طويلة كما يبقى طعم رغيف الخبز المشروح البلدي الناضج والخارج للتو من التنور بشكله الأحمر (المقمر) حاضرا في مخيلة وفم الزائر لأيام وأيام. لكن ومع كل المحاولات لاستمرار التنور في عمله فإنه يتجه نحو الانقراض حتى في الريف ومناطق البادية.. يتنهد أبو سمارة (السبعيني العمر) – أحد سكان قرية بيت سابر المتاخمة لمنطقة جبل الشيخ في محافظة ريف دمشق – وهو يشرح للبلاد برس » تخلي الكثير من سكان القرية والقرى المجاورة عن التنور، قائلا: معظم أبنائنا من الجيل الجديد ومنذ سنوات تخلوا عن التنور وخبزه الصحي والمفيد وباتوا يعتمدون على الأفران الحديثة والخبز المرقد. فالجيل الجديد يريد كل شيء جاهزا أمامه – يتبسم أبو حميد – لذلك تحول التنور لشكل تراثي. أضف إلى ذلك أن البيوت الإسمنتية الجديدة والتي تنتشر في الريف والقرى لا يقوم أصحابها ببناء تنور تقليدي كما كنا نفعل نحن عندما نبني بيوتنا الواسعة من الطين والقبب الطينية. كما أن بناء التنور يحتاج لمهارة وجهد كانت تقوم به النساء والرجال، فهو يبنى بشكل فني متقن وبأبعاد وطراز معروف، وفي حال أنجز التنور فللاستفادة منه على الأسرة أن تقوم بالعديد من المراحل والخطوات لتؤمن تشغيل التنور. وما زال البعض يعمل في تلك المراحل – ومنها عجن الدقيق الذي يجب أن يكون متوفرا بشكل دائم في المنزل، ويحتاج لجهد يدوي من صاحبة المنزل، ومن ثم جمع الحطب ليكون وقودا داخل بيت نار الفرن، وهذا أيضا يحتاج لجهد من قبل الأسرة، ومن ثم مرحلة تحضير الرغيف وتدوير قرص العجين ومده بشكل دائري ومن ثم إدخاله لبيت النار في الفرن حتى ينضج. لذلك استغنت نساء الجيل الجديد عن هذا الجهد ليشترين الخبز جاهزا من أفران القرية والمدينة وظلت فقط كبيرات السن من نساء القرية يخبزن بواسطة التنور. ولكي يبقى التنور حاضرا في الذاكرة السورية حتى لو تعرض للانقراض،
محمد عواد الرفاعي
Views: 4