ظنت السيدة "عائشة" التي تبلغ من العمر 80 عاماً، أنها اجتازت مرحلة الأحلام منذ زمن طويل، إلا أنها اليوم تمني النفس بالحصول على قبر لها في مقبرة "زيارة حنان" في مدينة عفرين التي أجبرت على هجرها منذ عام تقريباً بسبب الاحتلال التركي للمنطقة، الأمر الذي يعايشه العديد من أبناء الريف الشمالي الغربي لمحافظة حلب بعد أن أصبحوا مهجرين في مجموعة من المخيمات المقامة في الريف الشمالي الأوسط للمحافظة.
دفن مؤقت.. وحلم بـ "قبر"
قبل أيام دفنت الشابة "عريفة بلال" في مقبرة أقامها النازحون من عفرين في منطقة "حقل الرمي" الواقعة إلى الشمال من حي "الشيخ مقصود" بمدينة حلب، وعمد ذوي الفتاة التي توفيت بعمر 17 عاماً بعد إصابتها بمرض "التهاب السحايا"، إلى دفنها بـ "التابوت" الأمر الذي يتناقض مع العادات الإسلامية في الدفن، لكنهم يحاولون الحفاظ على رفاتها لأطول فترة ممكنة ليتمكنوا لاحقا من نقله إلى مدينتها الأصلية "عفرين".
ويصف المحامي "شيخو بلو" حال العفرينيين بالقول: "في حقل الرمي الذي كانت تقام فيه مهرجانات النوروز، شمال حي الشيخ مقصود، يدفن النازحون العفرينيون موتاهم اليوم مع التوابيت المجهزة لنقلها لعفرين يوما ما، حتى الدفن في تراب مقبرة زيارة حنان وباقي مقابر عفرين اصبحت حلما لأهل عفرين"، كما يشير إلى أن النازحين المقيمين في مناطق "تل رفعت – فافين – غيرها من اماكن النزوح"، أقاموا مقابر مماثلة لمقبرة حقل الرمي.
تجريف مستمر للمقابر
تقول مصادر محلية فضلت عدم الكشف عن هويتها خلال حديثها لـ ""، أن الميليشيات المسلحة المدعومة من النظام التركي، عمدت مؤخراً إلى تجريف مجموعة من المقابر في كل من قرى "كوربة" التابعة لناحية "جنديرس"، و " قرية كفرصفرة"، كما تم تدمير مزار الصحابي "عبد الرحمن بن عوف"، والمقابر المحيطة به في قرية "كاني"، كما تم تدمير أكثر من نصف مقبرة قرية "سنارة" التابعة لناحية "الشيخ حديد".
عملية التدمير المتعمد للمقابر التي تستند فيها الميليشيات إلى الفكر الإخواني، شملت أيضا مقبرة قرية "ميدانكي" التابعة لناحية "شرا"، إضافة لتدمير القبور في عدد كبير من القرى الصغيرة القريبة من الحدود مع "لواء أسكندرونة" المحتل من قبل تركيا، علما أن هذه القرى خالية بشكل كامل من سكانها الأصليين، وباتت تشهد وجوداً لعوائل مسحلي ميليشيا "فيلق الشام"، و "حركة نور الدين الزنكي" التي طردت على يد تنظيم "جبهة النصرة" من مناطق ريف حلب الجنوبي الغربي ومحافظة إدلب.
أكثر المقابر التي تعرضت لانتهاكات شملت "نبش المقابر"، هي المقبرة التي أنشأتها "الوحدات الكردية" تحت مسمى "مقبرة الشهداء" بالقرب من قرية "معراتية"، لتدفن فيها عناصرها الذين قضوا خلال معارك مختلفة من الشمال السوري، وقالت مصادر محلية أن جثامين الموتى مرمية على قارعة الطريق مع منع قوات الاحتلال التركي وميليشياته لأي شخص من الاقتراب إلى المنطقة لنقل أي جثمان.
هامش..
سيطرت قوات الاحتلال التركي على مدينة عفرين والمناطق التابعة لها خلال شهر آذار من العام الماضي بعد عملية قتال دامت حوالي الشهرين في المنطقة الشمالية الغربية من ريف حلب ضد "الوحدات الكردية"، وأسمت أنقرة عمليتها العدوانية التي شاركت فيها كل الميليشيات المدعومة من تركيا إضافة لـكل من تنظيم "جبهة النصرة" و تنظيم "الحزب الإسلامية التركستاني" بعملية "غصن الزيتون".
Views: 5