في خضم جائحة كورونا وما تخلفه من ضحايا بالملايين في كل أرجاء المعمورة يقدم الرئيس الأمريكي ترامب على اتخاذ قرار بتعليق مساهمة بلاده في تمويل منظمة الصحة العالمية البالغة نحو 500 مليون دولار بهدف شل هذه المنظمة التي عملت طوال سبعة قرون على الاستقرار الصحي في العالم وتعتبر قي الوقت الراهن عصب الحركة لمواجهة الفيروس القاتل ومنع انتشاره فهل من سقوط أخلاقي أفظع من ذلك ؟؟ وهل من جريمة ضد الإنسانية ترتكب في هذا التوقيت الحرج أشنع من جريمة ترامب هذه ؟؟
هذه ليست المرة الأولى لممارسات ترامب اللاأخلاقية على المستوى العالمي فقد اعتمد ثلاثية ” انسحب ،عاقب ، فاوض ” فانسحب باكرا من اتفاق باريس للمناخ في ذروة معاناة البشرية من التلوث وانسحب من الاتفاق النووي الإيراني في وقت كان الجميع بحاجته وتتالت انسحاباته فأوقف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وجمد مشاركة واشنطن في اليونسكو وانسحب من المجلس العالمي لحقوق الإنسان وهدد مرات بالانسحاب من منظمة التجارة العالمية ومارس سياسة العقوبات إلى ابعد الحدود ولكن محاولاته التفاوض تحت الضغط فشلت في كل مكان .
ومن العورات الأخلاقية التي كشفت عنها كورونا لدى الغرب الذي يدعي الحضارة والتقدم تجرؤ أطباء فرنسيين على اقتراح إجراء تجارب للقاح كوفيد 19 على الأفارقة للتأكد من فعاليته وكأن الأفارقة فئران تجارب وهو ما يعتبر موقفا عنصريا مرفوضا بل يؤكد وجود نزعة استعمارية لدى الذين يفكرون باستبقاء النظام الدولي بتركيبته الحالية وهذا لن يكون ممكنا بعد كورونا .
وأخيراً جاء قرارترامب تعليق مساهمة بلاده المالية في منظمة الصحة العالمية ليكشف انهيار غطرسته في ظل عجزه الصريح عن منع تفشي الوباء، فألقى باللائمة على الصين ومنظمة الصحة العالمية لعدم تحليهما بالشفافية كما يزعم وخلافا للمنطق السليم ان المحن تجمع ولا تفرق يذهب ترامب إلى تأجيج أقصى أنواع التوتر انطلاقا من روح الكيدية والانتقام والتشفي دون أي اعتبار لأرواح البشر بما فيهم أرواح الأمريكان الذين تصدروا العالم في عدد الإصابات بالوباء العالمي .
tu.saqr@gmail.com
Views: 4