أخذت مواقع التواصل الاجتماعي تغزو حياتنا شيئاً فشيئاً دون أي أذن منا ولا توجيه من مداركنا العقلية فنجد أنفسنا وحالتنا تنجرف هنا وهناك دون أن نتمكن من أن نعطي الأوامر لإيقافها. الكبير يتباهى قبل الصغير بأصدقائه الافتراضيين والوهميين وكثرة علاقاته المتشعبة هنا وهناك والتي تكاد تمتد الى كافة أصقاع الأرض و تكثر علاقاته المشبوهة التي يعتقد أنها تجعله إنسانا متزناً,إنما هي على العكس تجعله أكثر تدهوراً وانحرافاً وسقوطاً . ونجد الجميع يتعلق بالوهم والخيال دون أن يكون أي رفض لهذا الواقع بل على العكس نتسابق إليه ونحن متمسكون به أكثر وأكثر نحن متفاخرون بعدد المتابعين الخياليين وأجهزة تصل الى أبعد مكان على سطح المعمورة موظفة تقول :إن وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في حياتنا بعدما أصبحنا نتواصل بفضلها مع أصدقائنا وأهلنا الذين في الخارج دون أن نتكلف الكثير فأنا أجد فائدتها كبيرة في هذه الناحية فقط .
أما معلوماتها من ناحية الأخبار بشكل عام وعلاقاتها جميعها فهي كاذبة دون أدنى شك إلاّ ما نقلته هي عن وسائل الإعلام الرسمية والمعروفة , دون أن تدخل رأيها أو تشركنا بتحليلاتها عن قصد أو غير قصد .
طالب هندسة معلوماتية يقول :إن هذا الوقت هو وقت مواقع التواصل الاجتماعي فتعارف الناس على بعضا من مختلف الدول يجعلها منفتحة على بعضها البعض ما يساهم في تنمية المعارف والقدرات فيما بينهم ويطلعهم على التجارب المتبادلة بحيث لانكتفي بتجاربنا فقط .كما أيده صديقه أيضاً الذي أكد أن العالم تطور وكبر وتشعب واختلف كل الاختلاف عن بعضه البعض لكنه بفضل مواقع التواصل أصبح صغيراً جداً وسهل التعرف والتعارف عليه وعلى أفراده والتواصل معهم وأصبح من السهل اكتساب المعلومات والمعارف التي كانت غائبة عنا من قبل . صديق طالب في المرحلة الثانوية يشير إلى أنه يجد في أصدقاء التواصل الاجتماعي دائما أناساً ينصحونه ويرشدونه ،ففي مجتمعنا الذي نعيش به غدت الأسرة والأصدقاء مشغولين عن بعضهم البعض دون أدنى شك بسبب أعباء الحياة ,أو من إحراج في بوح لصديق عن أزمة أو مشكلة ما ,أما صديق النت فلا حرج منه ولا عليه ومتى سألته يجيب ويعطي رأيه وينصح دون أي مقابل .
مرشدة نفسية تقول :إن السطوة الرقمية التي يخضع لها هذا الجيل وبمختلف أعماره خاصة في هذا العصر الراهن تعد أزمة بحد ذاتها فهي تتحكم في تكوين شخصيته الافتراضية وعلاقته بالمجتمع والآخرين وتجع ل منه في العالم الافتراضي شخصاً آخر بعيدا عن واقعه الذي هو فيه , كما أنها تسعى الى تغيير وقلب صورة الشخص الكبير والواعي فيسعى الى مجاراتها بزيادة أصدقائه الافتراضيين وتعلقه الدائم بهذه التكنولوجيا مبتعدا عن عالمه الحقيقي وأصدقائه الحقيقيين الذين نراهم ونتحدث إليهم نفهم مشاعرهم نطلع عن قرب عن مسار حياتهم خطوة بخطوة أصبحوا اليوم بسبب هوسنا بالوسائل الحديثة بعيدين عنا عن حياتنا و علاقاتنا ومشاكلنا ,حتى باتت العلاقات تملؤها الرياء والمكائد والتزييف السطحي عن النفس والكره والأنانية وأضافت بالقول : بتنا نجد الجميع يعطي الصورة المختلفة عنه التي لا تشبهه البعيدة عنه متباهيا بها مفتخرا وهو يعلم بحقيقته أنه لا تمثله ولا تشبهه لا من قريب ولا من بعيد ،لافتة أنه سواء كانت مواقع التواصل ايجابية أم سلبية سواء كانت تسهم في تحسن الصحة النفسية أو تزيد في تدهورها فإنه لا يخفى على أحد أن التواصل الإنساني الحقيقي ، وليس الافتراضي والحديث المباشر وليس على الشاشات فإنها تشكل نشاطا إنسانيا لا يقدر بثمن وقد وجدت مواقع التواصل الاجتماعي مكانا لها بيننا بعد تقلص العلاقات الاجتماعية والتقليدية بسبب أنماط الحياة الحديثة في المدن المزدحمة.
البلاد – محمد عواد الرفاعي
Views: 5