ترامب يتراجع بشَكلٍ مُهينٍ ويُلمّح لاستِعداده للِقاء الزعيم الفنزويلي مادورو.. ما هي أسباب هذا التّراجع؟ وهل من بينها ناقِلات البنزين الإيرانيّة الخمس التي كسَرت الحِصار؟ وماذا كشف بولتون في كتابه من أسرارٍ في هذا المِضمار؟
في كتابه الذي يحمل عُنوان “The Room Where It Happened” وجرى تسريب مضمونه كامِلًا على “الإنترنت” يقول جون بولتون، مُستشار الأمن القومي الأمريكي المُقال إنّ الرئيس دونالد ترامب كان يُؤيّد فكرة التدخّل العسكريّ في فنزويلا للإطاحة بالرئيس المُنتخب نيكولاس مادورو، وتنصيب زعيم المُعارضة خوان غوايدو مكانه، ووصَف ترامب فنزويلا بأنّها جُزءٌ مِن الولايات المتحدة، ولكنّه في مجالسه الخاصّة كان يصف مادورو بأنّه خصم “صلب”، أمّا غوايدو فيقول عنه بأنّه “طفل”.
اليوم الاثنين، نشر موقع إكسيوس الإخباري مُقابلةً مع الرئيس الأمريكيّ يكشف بعض ما ورد فيها عن تراجعه عن كُل سياساته “الصقوريّة” السّابقة، وعبّر عن استِعداده للِقاء الرئيس مادورو، مُؤكِّدًا على عدم ثقته بالرئيس “المُؤقّت” غوايدو، وكأنّه رفع الرّاية البيضاء يأسًا واستِسلامًا.
اللّافت أنّ هذه التّصريحات الاستِسلاميّة للرئيس ترامب تتزامن مع وصول سفينة إيرانيّة تحمل أطنانًا مِن المُساعدات الغذائيّة، وبعد أسابيع معدودةً من وصول خمس ناقلات نفط تحمل البنزين ومشتقّات النفط الأخرى إلى الموانئ الفنزويليّة في كسرٍ للحِصار الأمريكيّ.
هذا التّراجع يَعكِس فشل الرئيس الأمريكيّ وكُل خططه للإطاحة بالرئيس الفنزويلي وتركيع شعبه، بِما في ذلك إرسال مجموعات من المُرتزقة إلى كاراكاس، العاصمة لترتيب مُحاولة انقلاب، والسّبب الرئيسي في هذ الفشَل يعود إلى صُمود الرئيس مادورو والتِفاف الشّعب والمؤسّسة العسكريّة حوله، ودعمه من قِبَل الحُلفاء مِثل الصين وروسيا إلى جانب إيران.
الصّمود في وجه العُقوبات والحِصارات هي الأنجَع والاقل تكلفةً من الاستِلام والرّضوخ للشّروط الأمريكيّة، فكُل الذين رضَخُوا انتهوا بالقتل وتعرّض بلادهم للغزو والاحتِلال، وأبرز الأمثلة ما حدَث في العِراق وليبيا.
نعم الرئيس مادورو زعيم صلب يَستَعصِي على الكسر، ويتمتّع بقُدرةٍ عاليةٍ على الصّمود في وجه الإمبرياليّة الأمريكيّة، وأثبت أنّه مُستَعِدٌّ للقِتال والموت واقِفًا على أن يستسلم لخصمه غوايدو الذي اعترف به ورئاسته 60 دولة على رأسها الولايات المتحدة.
لا نَستبعِد أن يكون الإصرار الإيراني على إرسال سُفن الوقود والغذاء إلى فنزويلا في تَحَدٍّ للرئيس ترامب وتهديداته باعتِراضها، قد لَعِب دَورًا مِحوريًّا في إجبار الرئيس ترامب على التّراجع والإعراب عن استِعداده للِقاء مادورو الأمر الذي يُوجِّه رسالةً قويّةً لدُول مِثل سورية وإيران أبرز كلماتها هو الصُّمود، ثمّ الصُّمود، ثم الصُّمود، في وجه الحِصارات الظّالمة، والغلبَة في النّهاية للصّامِدين وأصحاب النّفَس الطّويل.
“رأي اليوم”
Views: 5