كثيرا ما يطرح السؤال: متى سيأتي يوم يستعيد فيه المودعون بالدولار ودائعهم بالدولار بدل الليرة، كما هو حاصل الآن بسعر البنك المخفض أو بسعر السحوبات المقننة شهريا ٣٩٠٠ ليرة؟
الجواب يتوقف على حجم ما يرد الى لبنان من الدولارات التي لم تعد تكفي لحاجاته الحالية، أي بدون فائض يمكن الدولة من أن تدفع للمصارف بالدولار ما يتوجب عليها بالدولار وبما يمكن المصارف من دفع الودائع بالدولار بدلا من الليرة كما هو حاصل الآن.
وهذا الوضع سيبقى على حاله ما دام ميزان المدفوعات في حالة عجز سنوي بحوالي ٦ مليارات دولار، أضيف إليها أخيرا خسائر انفجار مرفأ بيروت التي تفاوتت التقديرات عنها بشكل كبير من قبل جهات رسمية وغير رسمية بين حد أدنى ٤ مليارات دولار وحد أقصى ١٥مليار دولار!!! يمكن اختصارها بحد وسطي حوالي ٧ مليارات دولار مضافا إليها رقما لا يمكن تقديره منذ الآن، أكلاف إعادة بناء مرفأ بيروت وتأهيل مرفأي طرابلس وصيدا. وكان التقدير الأخير لكبير الاقتصاديين في منطقة الشرق الأوسط «غرييس إيرادن» بـ 10 مليارات دولار.
وهكذا فإن ما سيتوافر من الدولارات للبنان لن يتعدى ٧ مليارات دولار تحويلات المغتربين و٣ مليارات دولار صادرات، أي ما مجموعه ١٠ مليارات دولار. وأما واردات الـ ٥ مليارات دولار من السياحة داخل لبنان فيقابلها ٥ مليارات دولار سياحة اللبنانيين خارج لبنان.
وبالتالي لا يبقى مما يرد الى لبنان من الدولارات سوى تحويلات المغتربين والصادرات ومجموعها ١٠ مليارات دولار يقابلها استيرادات الى لبنان بـ 15 مليارات دولار. أي بعجز 5 مليارات دولار سنويا.
وفي هذه الحال لن يكون هناك ما يكفي لدفع ودائع الدولار البالغة حوالي ١٠٠ مليار دولار من أصل مجموع الودائع الحالي البالغ بالدولار وبالليرة حوالي ١٥٠ مليار دولار.
فما الحل؟!..
الحل المبدئي هو ما تسعى إليه الدولة «انتزاع» ٢٨ مليار دولار من القروض منها ١٠ مليارات دولار من صندوق النقد و١٨ مليار دولار من المجتمع الدولي والصناديق العربية والدولية. لكن هذه الـ ٢٨ مليار دولار، إذا حصل عليها لبنان، ستذهب لتغطية الاحتياجات والعجوزات وليس الى المصارف. وهي على أي حال ولو دفعت كلها للمصارف تبقى بحدود ثلث مجموع الودائع بالدولار. وحتى لو أضيف إليها الاحتياطي لدى مصرف لبنان ١٨ مليار دولار وفوقه كل صافي أرصدة المصارف الحالية بالدولار التي يقدرها البعض (بعد حسم ما على المصارف من التزامات خارجية) بحوالي ٦ مليارات دولار، وأضيف الى كل ذلك الجزء الذي يمكن ان تحصله المصارف على مدى سنوات طوال من قروضها بالدولار والبالغة (بعد حسم المتعثر منها) ٣٨ مليار دولار فإن المجموع الاجمالي سيكون ٢٨ + ١٨ + ٦ + ٣٨ = ٩٠ مليار دولار أي أقل من ودائع الـ١٠٠ مليار دولار.
علمًا ان هذه الأرقام تفترض الـ «سيناريو» التجميلي الأفضل، حيث لا يمكن ان نفترض أن كل القروض الدولية والعربية الجديدة والمفترضة ستصب في صناديق المصارف، لا سيما ان بعضها سيكون على غرار مؤتمر «سيدر» في مشاريع محددة وليس دولارات نقدية على غرار الودائع المصرفية. كما ان الاحتياط لدى مصرف لبنان بـ ١٨ مليار دولار يحتاج مصرف لبنان الى جزء كبير منه لدعم القطاعات الاقتصادية والاحتياجيات المعيشية، كما ان هناك أقساطا وفوائد القروض الدولية والعربية الممفترضة والمستجدة (والتي نادرا ما يذكر أي شيء عنها عند الحديث عن الالتزامات القادمة) وبالتالي فإن ما يتوافر من الدولارات أقل بكثير من ودائع الدولار التي تتناقص على أي حال بقدر ما تدفع المصارف مقابلها بالليرة، وتناقص معها القوة الشرائية للسحوبات بالليرة.
ولا يبقى عندها سوى الى الحل الوحيد المأمول من دولارات الغاز والبترول
Views: 1