تعتبر أوساط نيابية في كتلة بارزة، أن التشدّد الذي عاد ليطبع الملف الحكومي، لا يعني بالضرورة سقوط المبادرة الفرنسية، وذلك خلافاً لكل السيناريوهات المتداولة حول المرحلة المقبلة، وفي مقدّمها سيناريو المراوحة في تصريف الأعمال لفترة لا تقلّ عن الشهرين. وتؤكد هذه الأوساط، أن تبدّل الأحوال «الحكومية» من إيجابية إلى سلبية مع اعتذار الرئيس المكلّف مصطفى أديب عن تشكيل الحكومة، لن تطيح بالمبادرة الحكومية الفرنسية، والتي سبق وأن وافقت عليها كل القيادات السياسية والحزبية كما رؤساء الكتل النيابية.
وبحسب هذه الأوساط، فإن السيناريو المرتقب لمرحلة ما بعد اعتذار أديب، هو مواصلة السير في المبادرة الفرنسية، ولكن وفق المقتضيات الداخلية، أي على إيقاع العلاقات ما بين القوى السياسية التي فشلت في المحاولة الأولى للتوصّل إلى تفاهم على حكومة مهمات. كذلك، فإن المحطة المقبلة والمتمثّلة بإطلاق الإستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا لتسمية شخصية جديدة تتولى مهمة تشكيل الحكومة، لن تكون قريبة، وفق الأوساط نفسها، التي تحدّثت عن قراءة متأنّية لكل ما سُجّل من محطات وتطوّرات محلية وإقليمية منذ انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب الماضي، إلى اعتذار الرئيس المكلّف مصطفى أديب، وذلك، بانتظار نضوج الظروف السياسية الداخلية، وعودة التناغم والقراءة الهادئة في الواقع السياسي من أجل تقصير أمد «تصريف الأعمال» والإنتقال إلى مرحلة العمل الإنقاذي.
وإذ أشارت الأوساط النيابية إلى تعقيدات وصعوبات تحصل من أي حلّ مهمة شاقّة، إن لم تكن شبه مستحيلة، كشفت عن مسار تصاعدي للضغوطات الخارجية على الواقع اللبناني، وأبرزها الضغوط الأميركية التي انطلقت بقوة مع اقتراب موعد الإنتخابات الرئاسية، وهو ما سوف يحول دون تسجيل أي خرق على الساحة اللبنانية، على الرغم من كل الجهود التي تقوم بها العاصمة الفرنسية من أجل تمرير الوقت، والتركيز على إطلاق ورشة الإصلاح وتأجيل النقاش والخلاف حول عناوين سياسية محلية وخارجية.
وفي هذا المجال، تؤكد الأوساط النيابية نفسها، أن العاصمة الفرنسية لا تزال متمسّكة بمبادرتها لاعتبارات عدة في مقدّمها فرملة التشدّد الأميركي، وحماية ما تبقى من الإستقرار على الساحة اللبنانية الذي بدأ يشهد خربطات أمنية خطيرة مع عودة شبح الإرهاب إلى الواجهة من جديد.
ومن هنا، فإن كل السيناريوهات التي يتم التداول بها منذ الزيارة الأولى للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت مطروحة، على حدّ قول الأوساط، التي لفتت إلى أن ترحيل مهمة تأليف الحكومة إلى العام المقبل، قد يكون وارداً، وذلك إذا ما بلغت المساعي الجارية لتسمية رئيس حكومة وتشكيل حكومة جديدة حائطاً مسدوداً. لكن الأوساط ذاتها، تستدرك محذّرة من السيناريو الأكثر تشاؤماً، والذي قد يُسجّل في حال أصيب أصدقاء لبنان بالإحباط وأقفلوا كل الأبواب أمام الدعم والإنقاذ، لأنه في تلك الحالة قد يضطرّ اللبنانيون إلى أن يدفعوا ثمن خيارات لا قدرة لهم على تحمّلها.
وبالتالي، فإن الخطر الفعلي لا يتعلّق فقط بعدم تأليف الحكومة، بل بدخول الساحة اللبنانية مرحلة من الإختناق الإقتصادي والإنهيار المالي والصحي، كما تؤكد الأوساط النيابية، والتي تكشف أن ما من ضمانات ببقاء القرار الدولي والإقليمي الذي كرّس مظلّة حامية للإستقرار اللبناني على مدى السنوات الماضية
Views: 0