طُرحت مع متحوّرة “دلتا” معايير جديدة في النظر إلى كورونا. كثرت الأخبار المتداولة حوله، ومنها ما يتناول خطورة المتحوّرة الزائدة وعوارضه التي قد تكون مختلفة عن تلك المرافقة للنسخة الأصلية لفيروس كورونا، ما سبّب حالة من الهلع في مختلف الدول التي حطّ رحاله فيها. ووفق ما أكده الطبيب الاختصاصي في الأمراض الجرثومية في مستشفى الحريري الحكومي الدكتور بيار أبي حنا، ثمة معلومات صحيحة عن المتحوّر الهندي مما يتم تداوله، لكن الأمور لم تتضح بعد ومنها ما ليس مؤكداً في انتظار ظهور المزيد من المعطيات.
هل صحيح أنّ عوارض متحوّرة “دلتا” تختلف عن تلك المرافقة للنسخة الأصلية من كورونا؟
بحسب ما تبيّن حتى الآن، قد تكون هناك عوارض مرافقة للمتحور الهندي مختلفة إلى حدّ ما عن تلك المرافقة لفيروس كورونا بنسخته الأصلية. ومن أبرز العوارض المستجدة التي لوحظَت ولم تكن شائعة سابقاً سيلان الأنف، إذ يلاحَظ أنه من العوارض الشائعة مع متحوّرة “دلتا”.
أما اختفاء حاسّة الشمّ التي كانت من العوارض الأكثر شيوعاً مع النسخة الأصلية، فلا تبدو كذلك مع المتحوّر الهندي ولا تعدّ شائعة. ويوضح أبي حنا أنّ هذه الأمور ليست أكيدة حتى الآن، باعتبار أنّ فيروس كورونا أصلاً لا يظهر بالعوارض نفسها لدى
كل الأشخاص الذين يصيبهم، فتكون مختلفة بينهم.
هل صحيح أنّ الخطر الناتج عنه يفوق ذاك الناتج عن فيروس كورونا بنسخته الأصلية؟
تكمن الخطورة الكبرى للمتحوّرة، بالدرجة الأولى، في انتشارها السريع والسهل كما يبدو واضحاً، في شكل يتخطّى في سرعة انتقاله باقي السلالات كافّة. وهذا ما يفسّر انتشاره السريع على نطاق واسع في الدول التي دخل إليها، بحيث من المتوقع عند وصوله إلى بلد ما أن ينتشر بقوّة. ويتوقع أبي حنا الانتشار القويّ للمتحوّرة في لبنان حالياً، في شكل يفوق الأعداد التي يُعلن عنها باعتبارها لا تعكس الواقع. فالفحوص التي تُجرى للمتحوّرة محدودة وتقتصر على الوافدين وعلى حالات أكثر خطورة، فيما يبدو أنّ الإصابات مرتفعة.
من جهة أخرى، لا يمكن التأكيد ما إذا كانت متحوّرة “دلتا” تزيد فعلاً من احتمال الدخول إلى المستشفى في حال الإصابة بها استناداً الى ما حصل في مجتمعات أخرى، لأنّ عوامل مجتمعية عديدة تؤدي دوراً ولا بدّ من أخذها بالاعتبار. فارتفاع معدلات الوفيات في الهند قد يرتبط بعدم توافر أجهزة التنفّس مثلاً أو أسباب أخرى.
أما خطورته على الشباب والأولاد، فلا بد من الأخذ بالاعتبار أنهم من الفئات التي لم تتلقَّ اللقاح بعد، ما يزيد احتمال تأثيره عليهم. ويمكن أن يكون هذا سبباً لانتشار المتحوّرة أكثر بينهم، وأن يشكّل خطورة أكبر عليهم. لكن ذلك ليس السبب الوحيد. ومما يبدو واضحاً، أنّ من هم أصغر سنّاً أي في الثلاثينات والأربعينات من العمر هم الذين يتعرّضون أكثر للمضاعفات، بعكس ما كان يحصل سابقاً، فالمسنّون كانوا الأكثر عُرضة للمضاعفات ولدخول المستشفى.
في كلّ الحالات، ومهما تكُن خطورة المتحوّر يرى أبي حنا في فاعلية اللقاحات المتوافرة في مواجهة المتحور عنصراً إيجابياً. فمَن يحصل على اللقاح، وفي شكل خاصّ على جرعتين منه، يكتسب الحماية في مواجهة المتحوّرة أكثر من أيّ شخص آخر. فلقاح “فايزر” يوفّر الحماية بنسبة 80 في المئة من التقاط العدوى وأكثر، ويحمي من دخول المستشفى بسبب كورونا. أما “أسترازينيكا” فالفاعلية هي بنسبة 60 في المئة، وأعلى في مواجهة احتمال دخول المستشفى. كما أنّ لقاح سبوتنيك قد يكون أقرب إلى لقاح “أسترازينيكا”.
إذاً يشكّل اللقاح الأمل الوحيد لمواجهة الفيروس وكل متحوّراته، لأنه بقدر ما يزداد الانتشار المجتمعي للفيروس يزداد احتمال ظهور متحوّرات جديدة، ما يزيد من صعوبة السيطرة عليه. يضاف إلى ذلك أنّ وقف انتشار الوباء لا يرتبط ببلد معين بل بالعالم كله، إذ يفترض أن يتوقف انتشاره في مختلف الدول حتى ينتهي، بما فيها الدول الفقيرة، حيث يجب أن يتأمن فيها اللقاح أيضاً لوقف الوباء. أما حالياً، فيعدّ من تلقى اللقاح وحده بأمان، لكن يبقى ضرورياً استخدام الكمامة إلى أن تتحقّق المناعة المجتمعية.
Views: 1