حسني الخطيب
الإعاقة الحركيّة هي الإعاقة الناتجة من عيوب بدنية أو جسمية، وهذه العيوب متعلّقة بالعظام والمفاصل والعضلات، ويُطلق على الشخص المُصاب بمثل هذه العيوب معاق بدنياً أو حركيّاً، ويرى العلماء أن المعاق حركيّاً هو الشخص الذي لدية عائق جسدي يمنعه من القيام بوظائفه الحركية بشكلٍ طبيعي، وذلك لأسباب وراثية أو مُكتسبة.
هذا وإن تحديد الأفراد المعوقين حركياً سهل جداً بالمُقارنة مع بعض الإعاقات الأخرى، كما أن هناك بعض الأفراد الذين توجد لديهم مشكلات حركية من الدرجة المُعتدلة والتي يمكن نسيانها (إهمالها) أو التقليل من أهميتها، ولهذه الحالات يمكن إجراء التحديد الصحيح لها باستخدام قوائم التشخيص أو الفحص المُخصّصة لمظاهر الحركة والسلوك، ويدخل ضمن هؤلاء الأفراد من يملك ضبطاً وتنسيقاً حركياً ضعيفاً، ومَن يمشون بصعوبة أو بشكلٍ أعوج، ومَن يُظهِرون إشارات أو علامات على الألم خلال التمارين الرياضية (الحركة)، إضافة إلى مَن يقعون أو يسقطون بشكلٍ مُتكررٍ على الأرض (عدم التوازن).
واختلفت الآراء حول تصنيفات الإعاقة الحركية، فقد تكون الإعاقة خلقية مثل الشلل الدماغي أو مُكتسبة بسبب أمراض أو إصابات بعد الولادة، وقد تكون بسيطة ويمكن علاجها، وبعضها شديد الصعوبة مثل ضمور العضلات والصرَع وشلل الأطفال وتصلّب الأنسجة العصبية وغيرها، هذا ويمكن تصنيف الإعاقة الحركية إلى الفئات التالية:
أ – المصابون باضطرابات تكوينية، وهم مَن توقّف نمو الأطراف لديهم.
ب – المصابون بشلل الأطفال، وهم المصابون في الجهاز العصبي.
ج – المصابون بالشلل الدماغي، وهو اضطراب عصبي يحدث بسبب خللٍ يُصيب بعض مناطق المخ.
د – المعاقون حركياً بسبب الحوادث والحروب والكوارث الطبيعية وإصابات العمل.
خصائص المعاقين حركياً: 1- الخصائص الجسدية (الجسمية):
يتّصف المعاقون حركياً (الأطفال) بنواحي العجز المختلفة في اضطراب ونموّ عضلات الجسم التي تشمل اليدين والأصابع والقدمين والعمود الفقري، وتتّصف هذه الصعوبات بعدم التوازُن في الجلوس والوقوف وعدم مرونة العضلات الناتجة من اضطرابات في الجهاز العصبي المركزي أو الروماتيزم والكسور وغيرها، ومن مشاكلهم الجسمية أيضاً هشاشة العظام والتواءاتها وانخفاض معدّل الوزن ومشاكل في الحجم وشكل العظام (القزامة أحياناً) ومشاكل في عضلات الجسم كالوَهن العضلي وعدم وجود توتّر مناسب في العضلات وارتخائها، والتي ينتج منها عدم التناسُق في الحركات مثل استعمال القلم عند الكتابة واستعمال اللسان عند الشرب والمَضْغ، إضافة إلى عدم قدرتهم على حمل الأجسام المختلفة (الثقيلة) كالأسوياء، كما وقد تترافق هذه المشاكل الجسمية مع اضطرابات في حاستيّ السمع والبصر.
وهؤلاء الأفراد بحاجة إلى وسائل تعويضية لكي يتمكّنوا من القيام بالنشاطات التي تتعلّق بحياتهم اليومية كتناول الطعام والشراب ولبس الملابس والمحافظة على سلامتهم العامة، فهم بحاجة إلى أطراف اصطناعية وعكاكيز وغيرها ليستطيعوا الحركة والتنقّل والقيام بما هو مطلوب منهم، كما وهم بحاجة إلى أخصائيين في مجال العظام والعضلات (أخصائي علاج طبيعي) ومشاكل النطق والإبصار من أجل تشخيص مشكلاتهم وتقويمها ووضع الخطط العلاجية المناسبة لهم بحسب نوع وشدّة الإعاقة الموجودة لديهم، وذلك للوصول إلى أكبر حدٍ مُمكن للاستفادة من طاقاتهم الجسمية ومُعالجة الأمراض المسؤولة عنها مثل: السكري والسحايا واضطرابات الغدد ونزف الدم وغيرها من أمراض، ومُعالجة الاضطرابات العصبية المسؤولة عن حدوثها أيضاً، إضافة إلى حاجتهم إلى أساليب تدريس خاصة بهم وإلى خبراء في مجال التأهيل المهني لتحديد الإعاقة واختيار المهنة الأكثر مُناسَبة لهم.
كما إن أوجه القصور الجسمي الحركي لدى هؤلاء الأفراد إذا تُرِك من دون علاج سوف يخلق لديهم ولدى أفراد أسرهم ومُدرّبيهم مشكلات عديدة، تربوية واجتماعية ونفسية واقتصادية، الأمر الذي سوف يزيد من تفاقُم صعوبات عيشهم حياة كريمة، لذلك فهم بحاجة إلى جهود على مستوى المجتمع لتقديم المساعدة المتخصّصة في هذا المجال وتأهيلهم جسمياً بالقدر المُمكن للتخفيف من حدّة إعاقتهم، وتقديم العلاج المجاني والإرشاد الأُسَري لهم باعتبارهم طاقة لا يجب إغفالها، الأمر الذي يساعد على عدم اعتماديّتهم ويشجع على استقلاليتهم ويخفض من شعورهم بالعجز والقصور الجسمي الذي يؤدّي إلى مشكلات نفسية تتعلّق ببناء الشخصية الإنسانية (الذاتية).
2- الخصائص النفسية
يتّصف هؤلاء الأفراد بالانسحاب والخجل والانطواء والعُزلة والاكتئاب والحزن وعدم الرضا عن الذات وعن الآخرين والشعور بالذنب والعجز والقصور ، وبالاختلاف عن الآخرين وبعدم اللياقة وبعدم الانتباه وتشتّته وبالقهرية والاعتمادية والخوف والقلق وغيرها من الاضطرابات النفسية العصبية، إضافة إلى عدم القدرة على حل المشكلات وضبط الذات ومشاكل في الاتصال مع الآخرين والشعور بالحرمان، لهذا فإن جميع هذه الخصائص وغيرها يجب أن تُأخَذ بعين الاعتبار عند تصميم البرامج التربوية والتعليمية الخاصة بهم، وعند رسم الخطط للتعامُل مع مشكلاتهم وتأهيلهم.
فهؤلاء الأفراد بحاجة إلى الإرشاد الوقائي والنمائي والعلاجي للتعامل مع مراحلهم العُمرية المختلفة ودرجة الاضطراب النفسي ونوعه في البيت والمدرسة والعمل، لذلك يجب توفير أجواء نفسية مُريحة دائماً لهم في مجال الأسرة والمدرسة والعمل، ويكون ذلك بتقديم التشجيع والدعم الأُسري والتربوي والمعنوي والمادي لهم ليستطيعوا أن يعيشوا حياتهم في جوٍ بعيدٍ عن التهديد ومشاعر تدنيّ مفهوم الذات، كما ويجب أن يبتعدوا عن التوتّر والقلق والدخول في الصراعات الأسرية والمُعاناة منها، لأن ذلك سوف ينعكس سلباً على صحتهم النفسية، هذا ويجب التعامُل مع هؤلاء الأفراد بأساليب تعديل السلوك، والابتعاد عن العِقاب الجسدي والنفسي معهم لحلّ مشكلاتهم، إضافة إلى إشراكهم في خبرات سارّة وتجنيبهم الخبرات غير السارّة في البيئة الأُسرية والمدرسية وبيئة العمل.
3- الخصائص التربوية والاجتماعية
هؤلاء الأفراد لديهم مشكلات في عادات الطعام (Eating Habits) واللباس (Missy Sloppy)، ومشاكل في التبوّل وضبط المثانة والأمعاء والاستحمام والوقوف وضبطه، ومشكلات مع الأقران والأخوة والشعور بالحرمان الاجتماعي المُتمثّل في عدم مشاركتهم الفاعِلة في النشاطات الاجتماعية، إضافة إلى الانطواء الاجتماعي وقلّة التفاعُل مع الناس والخجل والعزلة والانسحاب والأفكار الهادِمة للذات والاعتمادية على الآخرين، كما ويعانون من نظرة المجتمع الدونيّة نحو قصورهم الجسمي وعدم اللياقة وحركات أو لزمات حركية ((Tics غير مناسبة تجلب استهزاء الآخرين لهم، وهذه المشكلات وأشكالها إنما هي عيّنة قليلة من مجموعة مشاكلهم الاجتماعية، والتي تحتاج إلى تدريبهم على عادات النظافة والمحافظة على صحتهم العامة وضبط المثانة والأمعاء، والابتعاد عن مشكلات سوء التغذية وفُقدان الشهيّة أو الإفراط في تناول الأطعمة التي تسبّب لهم البدانة والتي تشكّل عبئاً على أجسامهم، خاصة أولئك الذين لديهم عجز في مدى تحمّل العظام لحمل الأجسام الثقيلة.
كما إن أهم جانب في العلاج الاجتماعي يتمثّل في تقبّل هؤلاء الأفراد لأنفسهم وتقبّل المجتمع لهم واندماجهم فيه وتعليمهم السلوك الاجتماعي المقبول في مجال البيت (الأسرة) والمدرسة والمجتمع، حيث أن هؤلاء الأفراد لديهم صعوبات أيضاً في مجال اللغة والحواس والتعلّم، لذلك فهم يعانون من مشاكل القراءة والكتابة في المدرسة لأن حواسهم غير سليمة، لهذا فهم بحاجة إلى برامج تربوية (تعلّمية) خاصة، إضافة إلى جهود اجتماعية مُكثّفة لمُعالجة مشاكلهم الأُسريّة ومشكلاتهم الخاصة بالصحبة السيّئة والمشاكل مع الرفاق والأقران والانسحاب من المدرسة ، والعدوان وإيذاء الذات واللغة السيّئة والسرقة والغشّ والكذب وغيرها، ومن هنا يأتي دور المُرشد التربوي والأخصّائي الاجتماعي لتشخيص مثل هذه الحالات والعمل على مساعدة هؤلاء الأفراد والاستفادة من الفُرَص الاجتماعية لمساعدتهم.
4- خصائصهم العصبية
لدى هؤلاء الأفراد مشاكل تتعلّق بتلف في الدماغ أو خلل وظيفي في عمل الخلايا الحركية فيه، كما أن لديهم مشكلات خاصة كالصرَع والاضطرابات العقلية التي قد تكون أورام الدماغ أحد أسبابها، إضافة إلى أنهم يعانون من الشلل بجميع أشكاله والشلل الدماغي بجميع أنواعه، ولديهم أيضاً مشاكل خاصة بالحبل الشوكي ومشكلات في مجال الرؤيا والسمع ناتجة من أمراض مثل التهاب السحايا والسلّ والحُصبة الألمانية والزهري وغيرها، هذا وقد تنتج المشاكل العصبية لديهم عن سوء التغذية والحرمان وتعرّضهم لإصابات الرأس والرضوض والكسور في الجسم، لهذا فإن مثل هؤلاء الأفراد بحاجة إلى رعاية دائمة تتمثّل في مُعالجة جميع الأمراض والإصابات التي قد تكون مسؤولة عن إعاقتهم الحركية، وذلك بدءاً بالتطعيم الثلاثي وبالتشخيص والعلاج والتأهيل والتدريب.
5- خصائصهم التعليمية
تعتمد خصائص هؤلاء الأفراد التعليمية على خصائصهم الجسمية والنفسية والعصبية، حيث أن هؤلاء الأفراد لديهم مشكلات في الانتباه وتشتّته وصعوبة في التركيز والتذكّر والاسترجاع والحفظ والنسيان ونقص في تناسق حركات الجسم، ما يشكّل لديهم صعوبات في مجال التعلّم، فهم لا يتعلّمون بسهولة ولا بسرعة وذلك بسبب مشكلاتهم في حاسّتي السمع والبصر أحياناً، لذلك فهم بحاجة إلى مناهج واستراتيجيات تربوية خاصة تراعي إعاقاتهم، بحيث تعتمد على التبسيط والانتقال من السهل إلى الصعب ومن البسيط إلى المُركّب، إضافة إلى الاعتماد على التلقين وتشكيل السلوك وتسلسله، وتقديم التعزيز الإيجابي والتغذية الراجعة الإيجابية والبيولوجية، وتجزيء المهارات والمهمات المطلوب منهم القيام بها.
6- خصائصهم المهنية
هؤلاء الأفراد لا يستطيعون الالتحاق بأي عمل بسبب العجز والقصور الجسمي لديهم، فهم غير قادرين على القيام بالأعمال المهنية الشاقّة أو العمل في مجال البناء أو القيادة، كما أن إعاقاتهم تعمل على الحدّ من استعداداتهم وقدراتهم وميولهم المهنية التي يرغبون فيها، وهذه المشكلات هي التي تدفعهم للإحجام عن العمل وعدم الرغبة في تأهيلهم أو تشغليهم، لهذا فإن على الموجّهين المهنيين الأخذ بعين الاعتبار قصورهم هذا ومساعدتهم على اختيار مِهن تُناسب قدراتهم الحركية، وذلك أثناء عملية تأهيلهم للحصول على عمل يكسبون به رزقهم، حيث إن هؤلاء الأفراد بحاجة إلى مُدد تدريب وتأهيل أطول من العاديين لتعلّم المهارات المهنية، كما يجب تقديم المساعدات (التسهيلات) المختلفة اللازمة لهم وتحسين بيئة العمل وتشجيعهم عليه وتقديم الفُرَص المهنية المناسبة لاستيعابهم حتى يساهموا في عملية الإنتاج ويتطوّر منسوب مساهماتهم وإنجازاتهم.
7- خصائصهم التدريبية
إن هؤلاء الأفراد وبسبب وجود العجز الجسمي (الحركي) لديهم، يجب تدريبهم على ممارسة الألعاب الرياضية الخفيفة والألعاب العقلية البسيطة ، بهدف إكسابهم المرونة الكافية للقيام بأعمالهم الروتينية والاعتيادية مثل قضاء الحاجة ونظافة الجسم والأسنان وتناول الطعام والشراب وغيرها من الأعمال التي تحتاج إلى تمكينهم من استخدام ما تبقّى من قدراتهم العضلية والحركية ، والدفع بها إلى أقصى حد ممكن، لذلك فهم بحاجة إلى أخصّائيين في مجال العظام والعضلات وأخصائيين في مجال التربية البدنية الرياضية لاختيار الألعاب والنشاطات المُناسبة لهم وحثّهم على ممارستها وإزالة جميع المعوقات التي قد تقف أمامهم لمُزاولتها، إضافة إلى تشجيعهم على القيام بالأعمال الفنية كالرسم والألعاب الخفيفة، ويتطلّب ذلك طبعاً تجزيء هذه المهمات والحركات حتى يستطيع هؤلاء الأفراد القيام بها، ويتم ذلك كله بالمزيد من التدريب وتقديم التشجيع والحثّ والاستحسان والدعم النفسي والتغذية الراجعة، وتشكيل السلوكات التدريبية المناسبة وتسلسلها وغيرها من الوسائل التي تساعدهم على ممارسة هواياتهم وألعابهم بكل يُسر وسهولة.
المصدر : الميادين نت
Views: 1