ضربة أمريكيّة مُوجعة لمنظومة “القبّة الحديديّة”.. لماذا يعترض التقدّميّون واليساريّون في الكونغرس على دعمها؟ وكيف نجحت الصواريخ “العبثيّة” في تدمير سُمعتها عالميًّا؟ وهل ستستمر دول خليجيّة في مساعيها لشرائها كبَديلٍ للباتريوت الأكثر فَشَلًا؟
يُشَكِّل عام 2021 كابوسًا للقيادة الإسرائيليّة بشقّيها السياسيّ والعسكريّ، ليس بسبب فشلها في حرب غزّة، وهزيمتها في حرب السّفن، وإنّما أيضًا لأنّه كان عام شُؤمٍ بالنّسبة لمنظومة “القبّة الحديديّة” دُرّة صناعاتها العسكريّة الدفاعيّة، لفشل هذه المنظومة بشَكلٍ شِبه كامِل في الحُروب الأخيرة، ولتَعالي الأصوات في أوساط نوّاب اليسار في الحزب الديمقراطي لمنع تمويلٍ إضافيٍّ لهذه القُبَب بقيمة مِليار لتحديثها وزيادة فعاليّتها، وإلغاء وزارة الدفاع الأمريكيّة (البنتاغون) خُطَطًا لتزويد الجيش الأمريكي بها.
الكونغرس الأمريكي يشهد هذه الأيّام جدلًا صاخبًا حول مشروع قانون بتقديم دعمٍ إضافيٍّ لتطوير القبّة الحديديّة الإسرائيليّة، ونجح أعضاء من الحزب الديمقراطي التّقدّميين من عرقلته، وكان على رأس هؤلاء النّائبتان من أُصولٍ عربيّة وإسلاميّة إلهان عمر ورشيدة طليب.
أنظمة القُبَب هذه تأسّست بتمويلٍ أمريكيٍّ بحواليّ 1.6 مِليار دولار، وإمدادات لصواريخ “تامر” الأمريكيّة الاعتراضيّة، وقيمة كُل صاروخ تصل إلى 50 ألف دولار، وكان من المأمول أن تكون خطّ الدّفاع الرئيسي لحِماية الدّولة العبريّة من أيّ هجمات صاروخيّة من غزّة أو جنوب لبنان.
فُرَص نجاح مشروع القانون بحجب الدّعم لمنظومة القبّة الإسرائيليّة ليست كبيرة، ولكنّ إثارة الجدل حولها، وصُعود قِوى التيّار اليساري التقدّمي في أوساط الحزب الدّيمقراطي، وارتِفاع صوت نُوّابه وانتِقاداتهم لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، خاصَّةً للمجازر الإسرائيليّة في قِطاع غزّة، تَطَوُّرٌ مُهِمٌّ لا يجب إنكاره، والفضل في ذلك يعود إلى حُدوث تغيير في أوساط الرأي العام الأمريكي خاصَّةً في دوائر المُصوّتين من أُصولٍ أمريكيّة لاتينيّة وإسلاميّة، ويساريّة أمريكيّة، بِما فيها نسبة لا بأس بها من اليهود الذين لا يُؤيّدون الجرائم الإسرائيليّة في فِلسطين المُحتلّة، وصوّت أكثر من 75 بالمئة منهم للحزب الدّيمقراطي في الانتخابات الرئاسيّة والتشريعيّة الأخيرة.
ربّما تحصل إسرائيل على هذا الدّعم الإضافي، والمَزيد من الصّواريخ “تامر” لقببها الحديديّة، ولكنّ هذا الدّعم لن يُغيّر من حقيقة بدء انهِيار وفشل هذه المنظومة في التصدّي بشَكلٍ فاعِل لصواريخ المُقاومة القادمة من قِطاع غزّة التي هزمتها وأسقطت هيبتها ومنعت بيعها للعديد من الدّول التي كانت تقف في طابور المُشتَرين مِثل الهند، وربّما السعوديّة ودول خليجيّة أُخرى مُطَبِّعة، والإمارات والبحرين تحديدًا.
صاروخ المُقاومة الذي حقّق هذا الإنجاز الإعجازي الكبير وثبّت مُعادلة الرّدع مع دولة الاحتِلال لا يُكَلِّف أكثر من ثلاثة آلاف دولار على الأكثر ومُصنّع بإشراف عُقول فِلسطينيّة عربيّة وتكنولوجيا إيرانيّة.
حتى لو حصلت تل ابيب على مليار او حتى مئة مليار دولار فكيف ستفيدها اذا خسرت تفوقها العسكري، وهي خسارة قد تكتمل في غضون اشهر خاصة اذا ما طورت ايران برامج أسلحتها النووية، ولعل السؤال الأهم هو: هل نفعت ترليوني دولار انفقتها أمريكا في افغانستان على نظام اشرف غني ومنعت هزيمته وانهياره في ساعات؟
اللّوبي الإسرائيلي بدأ يتّهم هؤلاء النوّاب التقدّميين الديمقراطيين بمُعاداة الساميّة، وهي تُهمَةٌ بدأت تفقد مفعولها وتُعطِي نتائج عكسيّة، وليتّهموا من يشاؤون ومثلما يشاؤون، فالتفوّق العسكري يتراجع بسُرعةٍ، وانفِضاض العالم الغربي من حولهم يتصاعد بشَكلٍ مُتسارع، بسبب الغطرسة والعُنصريّة ونسف كُل مشاريع السّلام المُستَنِدَة إلى قرارات الأمم المتحدة، ولهذا يبدو مُستَقبل هذا الكيان أكثر قتامةً من أيّ وَقتٍ مضَى، خاصَّةً بعد الهزيمة الأمريكيّة العُظمى في أفغانستان.. واللُه أعلم.
“رأي اليوم”
Views: 2