د. تركي صقر
خمسة وعشرون عاماً تفصل قمة المناخ الأولى أو ما يعرف بـ”مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ” عن قمة غلاسكو الحالية في اسكتلندا، وطوال هذه السنوات لم تتعامل معظم دول العالم ولاسيما الرأسمالية منها بالجدية اللازمة لتنفيذ التزاماتها حول خفض منسوب الانبعاثات الكربونية التي تزيد من ظواهر احترار الأرض والتي سببت في السنوات الأخيرة كوارث طبيعية على مستوى الكرة الأرضية كلها.
لقد شهدت بلدان كثيرة هذا العام ارتفاعاً غير مسبوق لدرجات الحرارة أدت إلى حدوث جفاف وأعاصير وسيول وحرائق دمرت الحياة في مناطق عديدة من العالم، وإذا ما استمرت درجات الحرارة في هذا الارتفاع المتسارع فإن جليد القطبين الشمالي والجنوبي سيختفي تماماً وإن مدناً كبرى وجزراً كثيرة ودولاً منخفضة ستختفي عن وجه الأرض.
ليس هناك من دولة أو منطقة أو حتى شبر من كوكب الأرض سيكون في منأى عن أخطار الاحتباس الحراري الذي وصل إلى عتبة الكوارث الكبرى التي لا علاج لها، وتنذر بعدم إمكانية إنقاذ كوكب الأرض.
ليس أمام البشرية إلا الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكوكب الذي تعيش عليه، ولذلك أجمعت جميع الآراء على أن قمة غلاسكو الحالية هي قمة الأمل الأخير، ومعروف أن قمماً كثيرة قد ضاعت من دون أن تحقق شيئاً بسبب توحش الدول الرأسمالية وجشعها اللا محدود وعدم الالتزام بخفض انبعاثات المصانع والمعامل.
ومعروف أيضاً كيف أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب بجنون من اتفاقية باريس للمناخ وبالتالي منع أكبر دولة صناعية من الإيفاء بالتزاماتها إزاء التغير المناخي لعدة سنوات، ما زاد من أزمة احترار الأرض وألحق الويلات بجماعات كثيرة من البشر وربما يكون القادم أعظم.
يقول المثل أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، وقمة غلاسكو التي يحضرها ممثلو أكثر من مئتي دولة تمثل القمة الحاسمة لإنقاذ البشرية من تدهور الحياة على الأرض بسبب التغير المناخي المتسارع. وليس من مسوغ بعد الكوارث التي حصلت والفواجع التي ألمت بالناس جراء الحرائق والسيول والأعاصير بعدم الالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية خلال أقصر مدة ممكنة وعلى الدول الغنية تقع مسؤولية كبرى ليس بالالتزام بالخفض فقط وإنما بمساعدة الدول الفقيرة للمساهمة في هذه المعركة المصيرية عن طريق تعويضها بتبديل مصانعها القديمة وهي أصلاً من مخلفات الدول الصناعية وتحولها لاعتماد الطاقات المتجددة لكي تكتمل هذه العملية التي تهم البشرية جمعاء.
Views: 4