أحمد العطار | صحيفة البلاد
رغم شعبها الذي يعشق كرة القدم حتى النخاع و مواهبها التي لا تكاد تخلو حقبة تاريخية منها , لا تتمتع سورية بماضٍ كرويٍ مشرق على صعيد منتخبها الوطني رغم قِدَمِ تأسيس اتحاد كرة القدم , ليس للمنتخب السوري الأول من إنجازات تذكر على الصعيدين العالمي و القاري , فتاريخهُ مع البطولة الكروية الأهم ( كأس العالم ) عامرٌ بالخيبات المتكررة , أما على صعيد الإدارة فتبدلت اسماء و تغيرت اتحادات و مازالت الخطط الاستراتيجية لا تدخل قبة الفيحاء و مازال العمل الإداري يضرب بعرضِ الحائط كلَّ التطور في البلدان و كلَّ الأرقام التي تثبت بأن الرياضة أصبحت صناعة حقيقية تعتمد عليها بعض الدول باستثماراتها , كأسباب ربما شح الموارد و ضعف الاهتمام الرسمي الذي لا يعد الرياضة عموماً من اولوياته و المحسوبيات في بلدٍ انتشرت فيه الحرب مما زاد الطين بِلة .
اليوم يعيد التاريخ نفسه و اللجنة المؤقتة في الاتحاد العربي السوري لكرة القدم مازالتْ تتماطل في توقيع عقد مع المدرب الروماني تيتا فاليريو بعد مستوى جيد قدمهُ ببطولة كأس العرب في قطر و لمسَ محبة و تعاطف الشعب السوري ..
فماذا يدور في فلكِ اللجنة المؤقتة ؟ و ماذا يحصل في أروقةِ المنتخب ؟ لهذهِ الاسئلة و غيرها كان لنا لقاءٌ خاص في صحيفة البلاد مع ” د. غيفار سمير الخطيب ” الباحث و الأكاديمي الرياضي
• البداية مع تيتا , و هل ظلمَ نفسه بعدم توقيع عقد منذ البداية ؟
لا , علينا أخذ الاعتبار بأن تيتا قبلَّ بالمهمة دونَ أن يكون لهُ عقد واضح , وذلكَ لانهُ ذهبَ الى بطولة عربية عالمية تعقدْ في ملاعبِ كأس العالم 2022 و تحتَ مظلةِ الفيفا , فكانت فرصة مناسبة ليعود الى اجواء التدريب من بوابة المنتخب السوري و يعيش هذهِ المغامرة مع منتخب يُحبه و له علاقة مع لاعبيه , فالملاعب السورية هي من شهدت انطلاقة تيتا الاولى , و بالنهاية هو يعلم بأنه اذا فعل شيء فسيحصل على ما يريد و هذا ما نشهده اليوم .
• هل تيتا الخيار الأنسب للمنتخب السوري ؟
المدرب الوطني حالياً من الواضح التوجه بإبعادهِ عن دفة المنتخب بعد عدة تجارب كانت فاشلة , فنحن نريد مدرب أجنبي يعرفنا و يعرف تماماً الجو الرياضي العام و قادر على الانسجام و التأثير السريع , فقياساً بالمدربين المتاحين و المبالغ الذي طلبها تيتا و التي تعتبر قليلة جداً ” راتبهُ أقل من أخر راتب تقاضاه مدرب وطني ” فلا يوجد خيار أفضل من هذا المدرب على ظروفنا و على وضعنا .
• لماذا المماطلة بتوقيع العقد مع تيتا و من هو الخاسر اليوم ؟
الشيء الواضح تماماً هو ضعف الخبرة و قلة العلم بمبادئ الإدارة , فلا يمكن أن تحضر مدرب و تسلمهُ بطولة ومن ثم معسكرين في دمشق و حلب و لم توقع عقد معه , هذه اساسيات و مبادئ الإدارة التي لا يعرفونها اليوم فإذا لم تكن موجودة فأنا لا أعلم على إي اساس يتم انتقاء أشخاص و نسلمهم القرار , ولا يمكننا اليوم لوم المدرب بل علينا لوم أنفسنا فنحن من أحضرناه و نحن من صنعناه بطلاً في كأس العرب , فصار من الطبيعي أن يفرض شروطه , و قد يكون هناك شخصنة للأمور كما حصل عندَ وضع مدير للمنتخب على اعتبار ان تيتا قد صرحَ بمن اتى به الى سورية بعد عشر سنوات , كل شيء وارد في كرة القدم السورية مع الاسف .
• ما هي علاقة غيفار الخطيب بالمدرب الروماني تيتا خلال هذه الفترة , و هل طلبكَ لتكون ضمن كادره ؟
باختصار , الرجل كان يريد شخص مُتعلم و يعطيه معلومات دقيقة و يحاول ضمْ المدافع بلال حلبوني بالإضافة الى مدافع ثاني و لاعب ثالث في المانيا حصراً كي يكون قادراً على التواصل معه لغوياً و يوصلهُ بالمدرب , و على هذا الاساس و بما أنني مؤهل علمياً و مقيم في المانيا تواصل معي و تطور الموضوع بسؤالهِ ” ما رأيك بأن تكون معي في المنتخب ضمن الكادر ؟ ” فأجبته : يجب أن نطرح الموضوع على اتحاد كرة القدم و بعدها نحدد الصفة التي سأكون متواجداً بها فأنا لست محلل اداء فقط فيمكن أن أفيد بأمور بدنية كوني ادرس علوم الرياضة , و عندما طرحني تيتا على اتحاد , رفض السيد نبيل السباعي رئيس اللجنة المؤقتة لأسباب لا تتعلق بالرياضة مع الأسف , و اليوم لا أقبل أن يتم ضمْ اسمي من قبل جهة معينة بل المدرب حصراً عليه ان يطلب لمصلحتهِ و لمصلحة المنتخب بتواجد هذا الشخص فالعمل الفني يحتاج لتوافق و تفاهم بكل بساطة .
• هل المكتب الإعلامي في اتحاد الكرة مُغيب , و ما سر اطلالات تيتا المتكررة كما فعل المعلول سابقاً ؟
بصراحة المشكلة ممتدة من المعلول و الى يومنا هذا , المكتب الإعلامي للمنتخب مُغيب بشكل كبير و بشكل عام ليس لدينا اداء الاعلامي او صحفي مهني حقيقي ,فمن يمكنه اليوم أخذ تصريح من المدرب سوى برنامج او اثنين , و ليس لهم وقت دائماً عدا عن مشكلة الترجمة الفورية , فهذا الفراغ الكبير يولد بعض الأسماء لتأخذ فرصتها و تعطي الفرصة للمدربين لإبداء آرائهم و المدرب لن يمانع خاصةً في مرحلة التفاوض فأنت تعطيه منبر ليلمس من الشارع الرياضي تعاطفاً , اما المدرب التونسي السابق لمنتخبنا نبيل معلول برأيي موضوع مختلف لأنه كان يستغل و يطلق وعود للأسف كاذبة و غير صادقة على الإطلاق و كان يتعامل معه الإعلام على اساس العكس .
• هل يبقى تيتا مدرباً لمنتخب سورية ؟
الموضوع اليوم متناصف 50 \ 50 و هو ليس برأي بل معلومة , السيد نبيل السباعي مازال على رأيه بالإضافة الى الروماني فاليريو , لننتظر و نرى هل سيقدم رئيس الاتحاد الرياضي العام السيد فراس معلا حلاً توافقياً , فإذا نجح فسيستمر تيتا و إذا لم يحصل ذلك الحل فقولاً واحداً تيتا فاليريو سيكون خارج المنتخب السوري يوم الاثنين .
• كيف يمكن للاتحاد السوري لكرة القدم تطوير نفسه كما يفعل جاره في الفيحاء ” اتحاد السلة ” , و ماذا عن أموالنا المجمدة ؟
المشكلة الأساسية بأننا لا نقرأ القوانين و لا نعرف حقوقنا او كيف نطالب تماماً , لاننا مشغولين بتعيين مدرب و تنفيذ عقد و فسخ عقد و الدليل الأكبر بأن موضوع تيتا أخذ أكبر من حجمه بكثير لأننا لدينا الكثير في المستقبل لننفذه , الحقيقة أنه لديك أموالاً مجمدة و أنت قانونياً قادر على استعادتها و لديك حالة وهي تعيين محامي دولي على مستوى عالي يستلم هذا الموضوع بكافة جوانبه و يطالب الفيفا ” قانونياً ” باستعادة تلك الأموال , فانا قرأت القانون ووضعته بيد المسؤولين و يعرفون تماماً بأن الموضوع يجب العمل عليه بجد , اتحاد كرة القدم القادم يجب عليه العمل على هذا الملف و دور الإعلاميين الضغط و التركيز على هذا الأمر لأننا في حال لم نعمل على استعادة تلك الاموال فسنبقى بمكاننا و بتراجع عن باقي المنتخبات على مستوى العالم و ببساطة كرة القدم حالياً هي صناعة حقيقية و ليست امور اعتباطية , فمشكلتنا اليوم عدم وجود الشخص المناسب في المكان المناسب لإدارة ذلك الأمر .
Views: 114