العنصرية الفرنسيّة الجديدة تُريد طرد مِليون “مغاربي” كدُفعةٍ أُولى.. هل سينجحون في خطتهم؟ وما هي الأخطار المُترتّبة على هذه الخطوة التي يُحرّض عليها الفرنسي الجزائري الأصل العُنصري زمور؟ وهل فرنسا أمام “بريكسيت” جديدة؟
يتصدّر مِلف اللاجئين والمُهاجرين البرامج الانتخابيّة لمُعظم المُرشّحين في الانتخابات الفرنسيّة والرئاسيّة منها خُصوصًا، فأحزاب اليسار وقادتها يدعون إلى استِمرار استِقبال اللاجئين ودعمهم لحاجة البِلاد إليهم اقتصاديًّا، ومن مُنطلق المسؤوليّة الأخلاقيّة والإنسانيّة لمُساعدتهم بسبب الظّروف الصّعبة في بُلدانهم، بينما يُطالب اليمين المُتطرّف بإغلاق الأبواب في وجه هؤلاء، وطرد من هو مُتواجد على الأراضي الفرنسيّة، وتعقيد إجراءات منحهم تصاريح إقامة طويلة الأمَد، والمُساعدات الاجتماعيّة.
إيريك زمور المُرشّح اليميني الأكثر تطرّفًا وكراهية للمُهاجرين، وخاصَّةً من دُول الاتّحاد المغاربي (الجزائر، المغرب، موريتانيا، تونس، ليبيا) يتعهّد بطرد مِليون لاجِئ غير شرعي يُقيمون في فرنسا حاليًّا، إذا فاز في الانتِخابات التي ستبدأ في العاشر من الشّهر المُقبل، ويحمل هؤلاء المُسلمين وغيرهم جميع المشاكل والأزمات التي يعيشها المُجتمع الفرنسي.
زمور لن يفوز في الانتِخابات حسب إجماع جميع استِطلاعات الرأي، لكنّ خُطورته تَكمُن في المِساحة المُعطاة له في وسائل الإعلام للتّرويج لأفكاره العُنصريّة التي تُحرّض على الكراهية للمُهاجرين المُسلمين، رُغم أن أجداده من يهود الأندلس الذين هاجروا إلى الجزائر ودول شِمال إفريقيا، ووجدوا كُلّ التّرحيب والتّعاطف من أهلها المُسلمين.
هذا اليمين النّازي في أفكاره ومُمارساته باتَ الظّاهرة الأسرع انتِشارًا في الوقتِ الرّاهن في أوروبا، وجاءت الحرب الأوكرانيّة والنازيّون الجُدُد الذين أشعلوا فتيلها، لتَصُب الزّيت على نارِ العُنصريّة والعَداء للمُهاجرين المُسلمين، الذين تقول بعض التّقديرات إن أعدادهم تقترب من 30 مِليون لاجِئ مع الأخذ في الاعتِبار الأتراك والألبان، والقادمين من المشرق العربي وشِبه القارّة الهنديّة.
في بريطانيا، وأثناء استِفتاء الانفِصال عن أوروبا، استَخدم أنصار “البريكست” ورقة المُهاجرين، والهُويّة البريطانيّة النقيّة، وضخّوا عشَرات الأكاذيب عن المِليارات التي سيتم توفيرها في حالِ فوزهم، ونجَحوا في حصد الأصوات المَطلوبة لترجيح كفّة أفكارهم وبرامجهم العُنصريّة، وها هِي بريطانيا تدفع ثمنًا باهظًا حيث يتراجع اقتِصادها، وتنخفض مُستويات المعيشة فيها، وتزداد نسب الضّرائب والتضخّم ارتفاعًا، والأخطر من ذلك حُدوث نقص كبير في الأيدي العاملة الماهرة والمُؤهّلة بسبب إغلاق الأبواب في وجه المُهاجرين الجُدُد، و”تطفيش” المُهاجرين القُدامى.
أزمات فرنسا، وأيّ دولة أوروبيّة أُخرى، تتفاقم بسبب وجود زمور ومُعتنقي أفكاره العنُصريّة، وليس بسبب المُهاجرين من شِمال إفريقيا والعالم الإسلامي الذي يكن لهم كلّ العداء والحقد والكراهية، وتفاقم هذه الازمات سيزداد وبتضاعف وربّما يصل إلى تفجير حرب أهليّة، وحالة من الفوضى وعدم الاستِقرار في المُجتمعات الأوروبيّة، وانهِيار اقتِصادي واجتِماعي في نهاية المَطاف.
المُهاجرون من الاتّحاد المغاربي لعبوا دورًا رئيسيًّا في ازدِهار ورَخاء واستِقرار المُجتمعات الغربيّة، وباتُوا جُزءًا رئيسيًّا من نسيجها الوطني، ولهذا يجب التصدّي بقُوّةٍ لهؤلاء النّازيين الجُدُد وعلى رأسهم هذا الصّهيوني إيريك زمور النّاكر للجميل والأصل، والذي يُشَكِّل تهديدًا للحضارة الفرنسيّة بأفكاره وعُنصريّته، وليس أولئك الذين يُريد طردهم من البِلاد.
“رأي اليوم”
Views: 1