البلاد- جوليا ديوب
صدر القرار بافتتاح الموسم الدراسي باكراً مقارنةً بالأعوام السابقة مواكباً لموجة شديدة الحرارة تتأثر بها البلاد وكأنه أتى على مضض وبدون دراسة مفتقراً لواقع حال بات مؤسفاً بالنسبة لوزارة شحّت فيها أدنى مقومات نجاح العملية التربوية بالنسبة لجاهزية مدارس القطر
غياب البيئة المناسبة للعملية التربوية :
أغلب المدارس يعاني من عدم توفر الماء والكهرباء والكتب المدرسية التي غابت عن المدارس طيلة الأسابيع الأولى من افتتاحها وعدم جاهزية الغرف الصفية لإستقبال العدد الذي يفوق قدرة إستيعابها، ووسائل التدفئة والتبريد التي أصبحت مجرد زينة فقط في الغرف الصفيّة، وفي ظل هذا الحماس الغير مبرر لبدء العام الدراسي الجديد كانت المطالبات بتأجيل المدارس لمدة أسبوعين لتحسن الظروف وأسوةً بأعوام سابقة ورحمة بمواطن يعاني ما يعانيه في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد لتأمين مستلزمات أطفاله المدرسية التي أصبحت عبء على كاهله .
الطبل بدوما والعرس بحرستا!!؟
وزارة تربية وتعليم أم إبتهاج وإحتفال بسوء واقع خدمي ودراسي وكل ما يلزم العملية التربوية ففي ظل المطالبات بالتأجيل كانت المطالبة بالإحتفال سيدة الموقف، لكن إحتفال بماذا ولماذا…؟ بحالة التخبط التي تعيشها مدارسنا ، أو بسوء تنظيم الطلاب في الشعب الصفية؟ أو بالمقاعد الدراسية الجديدة غير المهترئة ….؟ أو بقلّة الإمكانيات التربوية …
الكتب المدرسية تنضم لسلع السوق السوداء ..!
ما يحدث بطبيعة الحال في المدارس هو توزيع الكتب الجديدة لمرحلة التعليم الأساسي وبشكل خاص طلاب الصف الأول والثاني والثالث الإبتدائي نظراً لضرورة استخدام الكتاب في هذه المرحلة ، لنجد أن الكتب التي وزعت لهذه الصفوف كتب مستعملة غير صالحة للإستخدام (محلولة) كمرحلة مؤقتة لحين وصول الكتب الجديدة فيتم إستبدالها بحجة عدم توافر الكتب الجديدة في مستودعات الوزارة لنعود لمشهد الفوضى ومعركة البحث عن الكتاب المدرسي وملاحقة بورصة أسعاره في المستودعات والمكتبات .
هل يصبح التعليم لمن إستطاع إليه سبيلاً…؟
نتفاجىء بعد أسبوعين من بدء العملية التعليمية بصدور قرار رفع أسعار الكتب المدرسية وفيضانها في المستودعات بالأسعار الجديدة ، ليأتي هذا القرار منافياً لمجانية التعليم التي يقرّها الدستور السوري وهماً كبيراً لمواطن لا يلبث أن يستيقظ على ارتفاع أسعار السلع بشكل عام لتضاف لقائمة الإرتفاع الكتب المدرسية .!
فبمجرد التخلي عن إلزامية التعليم (الغير معلنة) سيلجأ معظم الأهالي لتسريب أطفالهم من المدارس بسبب الأوضاع الاقتصادية والمادية السيئة التي تعيشها الغالبية و متساءلين هل سيصبح التعليم في بلدنا حكراً على طبقة دون أخرى؟ وفي ظل عصر القرارات السريعة والغير مدروسة هل يتجه التعليم في بلدنا نحو الخصخصة ..؟؟ سؤال برسم وزارة التربية والتعليم .
المؤسسة التعليمية في خطر فمن المنقذ …؟
يبدو لنا جلياً أن هناك تخريب ممنهج لقطاع التعليم من خلال التسيب في المدارس، ونقص الكوادر ، والمحسوبيات ، وعدم النزاهة ، وتغير السياسات مع تغير الوزراء لمجرد أن كل وزير جديد يريد أن يترك بصمته الخاصة (وكأنه في ملاكه الخاص) بدون تقييم علمي لما قرره الوزير السابق ،فالمناهج طوّرت وجاء هذا التطوير مفتقراً للقيم العلمية والأدبية على حساب الشكل والألوان ..وبتفكير بسيط وحسبة سريعة نرى أن طباعة كتاب الفنون والموسيقا والمعلوماتية (في ظل غياب الكهرباء عن الحواسب إن وجدت !) وتوفرها على حساب غياب كل من كتاب اللغات الإنكليزية والفرنسية أو الروسية (الحديثة) أو كتب المواد الأساسية بشكل عام شيء غير مبرر وغير مقبول من حيث المنطق والكلفة والطباعة …
نستنتج أن هناك الكثير من الثغرات الموجودة لدى وزارة التربية والتعليم والكثير من المشكلات الفعلية التي يمكننا تداركها بحلول بسيطة وسريعة لعودة الاستقرار لنظامنا التعليمي ، فالفساد خطر محيط بكل مفاصل المجتمع ، والتربية والتعليم مسؤولة عن محاربته والوقوف في وجهه بوسائلها التربوية والتعليمية .
وعليه يجب أن تقوم عملية الإصلاح لنظامنا التربوي التعليمي لأنه يشكل العمود الفقري لإصلاح المجتمع في كافة المجالات وذلك من خلال عدّة أمور كزيادة مبلغ التعاون والنشاط المستوفى من الطالب بقدر يواكب قيمة الليرة السورية لدعم المدارس ، تطوير مناهج حقيقي بما يتناسب ووضع البلد ومواكبة التطورات الحاصلة وسوق العمل ، وأيضاً من المهم زيادة الدعم المالي الحكومي لقطاع التربية والتعليم ، وتفعيل الرقابة ودور المجتمع المحلي ، والجولات الميدانية ولقاء كل من الطلاب والمدرسين والاستماع لهم ، فالطالب هو أمل الأمة للنهوض بالمجتمع وبناء وطن قوي وعزيز .
Views: 16