يرتدي التوافق على شخصية توافقية لرئاسة الجمهورية طابعاً بالغ الخطورة والأهمية اليوم، في ضوء التباينات والظروف الشديدة التعقيد، والتناقضات الكبيرة في اتجاهات الكتل النيابية التي اجتمعت بالأمس تحت قبّة البرلمان لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، رغم أنها اتفقت ولو من خلال التصاريح على أولوية الإتفاق على رئيس الجمهورية التوافقي، علماً أن المهلة الزمنية لحصول هذا الإتفاق، غير واضحة حتى الساعة، حيث أن المؤشرات وانطلاقاً من المداخلات النيابية في الجلسة النيابية الأخيرة، ليست مشجّعة بحسب قراءة نائبٍ مخضرم في كتلة جنوبية، وذلك بنتيجة انعدام القواسم المشتركة في النظرة إلى الرئيس العتيد وإلى برنامجه السياسي والمسار الذي سيعتمده في مواجهة الإنهيار المالي والإقتصادي قبل أي عنوانٍ آخر. ولذا، فإن الشغور الرئاسي كما يسميه النائب المخضرم، يمكن أن يطول، ولكن في الوقت نفسه، فإن الإشتباك السياسي الداخلي سيكون عاملاً ضاغطاً من أجل العمل على مواجهة الشغور، خصوصاً إذا ما أضيف إليه التراشق العالي السقف الذي حصل في ساحة النجمة بالأمس، والذي يعكس مدى العقبات التي تحول دون أي تطور ممكن على هذا الصعيد، وبالتالي، يستحضر هذا الأمر، التدخلات الخارجية والتي تبدو مؤجلة في الوقت الراهن.
ولكن الوصول إلى أية مبادرة أو تسوية خارجية، قد لا يكون قريباً خصوصاً في ظلّ التطورات المتسارعة على المستويين الإقليمي كما الدولي، حيث أن الظروف التي رافقت اتفاق ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، قد لا تكون قائمة بعد الإنتخابات الأميركية، وتطور المشهد في المنطقة على أكثر من مستوى سياسي وأمني، الأمر الذي سينعكس سلباً على المشهد اللبناني الداخلي وعلى استحقاق انتخاب الرئيس الجديد حكماً. وفي هذا الإطار، فإن هذه المعطيات، تعزز ما هو مطروح محلياً حول الحوار والإتفاق، وذلك كون العالم كله منشغل عن لبنان وغارقٌ بالأزمات وأبرزها أزمة الطاقة نتيجة الحرب الروسية – الأوكرانية.
وبالتالي، فإن النائب المخضرم، لا يتوقع أي تقدم على مستوى أي خطوات مالية أو إقتصادية في المرحلة المقبلة مثل اسكمال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، إلاّ بعد انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة، كون أي اتفاق سيكون غير ممكنٍ في ظلّ الشغور الرئاسي، ومع غياب مثل هذه الخطوات، سيكون من الصعب إن لم يكن من المستحيل، إطلاق أي مسار إنقاذي أو إصلاحي يساعد على التعافي من الأزمات الحالية، وأبرزها أزمة ارتفاع سعر الصرف والغلاء في كل القطاعات.
وانطلاقاً ممّا تقدم، فإن الرئيس التوافقي يبقى الخيار المناسب، لأن الأزمة الحكومية اليوم وبعد حلول الشغور الرئاسي اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي، تجعل المشهد الداخلي مفتوحاً على الأزمات وعلى السيناريوهات السياسية والمالية والإقتصادية والإجتماعية، علماً أن هذا التوافق على الملف الرئاسي، يجب أن يتزامن أيضاً مع توافقٍ على الحكومة المقبلة وهوية رئيسها من أجل عدم تكرار سيناريو التكليف من دون التأليف.
Views: 4