مليّة اختطاف ناقلة نفط إيرانيّة بحماية الأسطول الخامس الأمريكي كانت في طريقها إلى الصين.
إنها حرب السّفن والناقلات بين الولايات المتحدة وإيران التي تعود بقوّةٍ إلى مياه بحر العرب، وتُصَعّد من احتمال حُدوث مُواجهة بحريّة، أو حتّى جويّة بين البلدين.
إيران لا تتسامح مُطلقًا مع أيّ مُحاولةٍ أمريكيّة، أو إسرائيليّة، لتهديد سُفنها وناقلاتها في أيّ مكان، خاصّةً في فنائها المُجاور وهُناك أمثلة عديدة تؤكّد هذه الحقيقة أبرزها عام 2019 عندما اعترضت سُفن بحريّة بريطانيّة ناقلة نفط إيرانيّة في مضيق جبل طارق، كانت في طريقها إلى سورية، فردّت إيران باحتِجاز ناقلتين بريطانيّتين وليس واحدة في مضيق هرمز، ولم تُفرج عنهما إلا بعد الإفراج عن الناقلة الإيرانيّة المُحتَجزة، أمّا الحادثة الثانية فأقدمت عليها السّلطات اليونانيّة التي سمحت للولايات المتحدة بتفريغِ حُمولةٍ نفطيّةٍ لإحدى الناقلات الإيرانيّة في المِياه اليونانيّة عام 2022 فردّت إيران باحتِجاز سفينتين يونانيّتين فورًا ولم تُفرج عنهما إلا بإعادة الشّحنة إلى الناقلة الإيرانيّة، والإفراج عنها فورًا.
أمريكا تُمارس أعمال القرصنة هذه ضدّ الناقلات والسّفن الإيرانيّة تحت ذريعة تطبيق العُقوبات التي فرضتها على إيران، بسبب تطوّر برامجها النوويّة، وتنسى إدارتها أنها هي التي انسحبت من الاتّفاق النووي المُوقّع مع إيران عام 2015، وتنصّلت من تطبيق جميع بُنوده، فإذا كانت ذاكرة أمريكا قصيرة، فإنّ ذاكرتنا أعمق وأطول.ما يُقلق الولايات المتحدة، ويُشكّل لها إحراجًا كبيرًا، هو تركيع إيران، وإجبارها على العودة إلى الاتّفاق النووي رُغم التنازلات الأمريكيّة الضّخمة، والأهم من ذلك إعطاؤها، أيّ العُقوبات، نتائج عكسيّة، حيث رفعت إيران مُعدّلات التّخصيب لليورانيوم إلى أكثر من 60 بالمِئة، وأصبحت دولة حافّة نوويّة، وزادت صادراتها النفطيّة إلى 250 الف برميل يوميًّا، أيّ نفس حجم صادراتها قبل العُقوبات الأمريكيّة.
أمريكا انهزمت في حربِ المُسيّرات فوق مياه الخليج عندما أسقطت الصّواريخ الإيرانيّة دُرّة تاج مُسيّراتها التي تحمل اسم “غلوبال هوك” كانت تطير على ارتفاع 20 كيلومترًا، لاختِراقها الأجواء الإيرانيّة بضعة أمتار عام 2019، ومن المُؤكّد أنها لن تنتصر في حرب الناقلات هذه لأنّها البادئة في الخطْف والعُدوان، وستُعرّض قواعدها وحُلفاءها في فِلسطين المُحتلّة لتهديدٍ وجوديّ.
احتجاز هذه الناقلة الأمريكيّة كرَدٍّ إيرانيّ انتقاميّ فوريّ سيُغيّر قواعد الاشتباك البحري في مِياه الخليج وبرج العرب، ولن يتم الإفراج عنها حتى تعود السّفينة الإيرانيّة المُختَطفة، وبحُمولتها النفطيّة كاملة دُونَ نُقصان، تمامًا مثلما حدث مع ناقلة مضيق جبل طارق، والسّطو على حُمولة نفط إيرانيّة في المِياه الإقليميّة اليونانيّة.
هذا الرّد الإيراني القويّ والحازم، رسالة قويّة إلى أمريكا تُحذّر من اللّعب بالنّار، وتُؤكّد الثقة الإيرانيّة بالنّفس، وبالقُدرات العسكريّة بريًّا وبحريًّا وجويًّا، ومن المُؤكّد أن هذه الرّسالة قد وصلت، وأي مُحاولة لتجاهل مضمونها أمريكيًّا ستُؤدّي إلى عواقبٍ وخيمة، اللهمّ إلا إذا كانت أمريكا تُريد إشعال فتيل حرب ثانية في مِنطقة الشّرق الأوسط في وقتٍ تتكبّد فيه هزيمةً كُبرى في حربِ أوكرانيا، والغباء الأمريكي لا يحتاج إلى إثبات، ولنا في هزائمها في أفغانستان والعِراق وسورية بعض الأمثلة المُهمّة جدًّا، ولكن على من تقرأ مزاميرك يا داوود.
“رأي اليوم”
Views: 4