حرصت منظمة اليونيسيف، في «بيانها التربوي»، أول من أمس، على ادعاء الشفافية عبر نشر أرقام المساعدات وأعداد التلامذة والأساتذة المستهدفين. إلا أن دعوتها إلى «الحوكمة الرشيدة وإصلاح النظام المالي والرقابي في وزارة التربية» استفزّت عدداً من مديري المدارس العاملين على تماس مباشر مع المنظمة ومندوبيها على الأرض، إذ استغرب هؤلاء الأرقام «المضلّلة» التي أعلنتها المنظمة الأممية، مؤكدين «عدم وصول أي دولار إلى صناديق المدارس عن العام الدراسي الحالي». أما المساعدات التي زخر بها البيان، فهي «مبالغ مستحقة للمدارس كموازنات تشغيليّة عن العام الدراسي الماضي، دفع 50% منها فقط، وربطت بعدد التلامذة السّوريين في كلّ مدرسة، لا اللبنانيين»، ما أدّى إلى حصول مدارس على موازنات تصل قيمتها إلى 56 ألف دولار، فيما لم يتعدّ ما تقاضته مدارس أخرى الـ 200 دولار فقط، وفي الحالتين دُفع نصف المبلغ فقط.
لهجة البيان أثارت استغراباً لدى مصادر تربوية، رأت أن المنظّمة نصّبت نفسها الآمر الناهي في رسم السياسة التربويّة في لبنان، ولم تراع حتى اللياقة في مخاطبة حكومات البلاد التي تعمل فيه، مستخدمة عبارة «يجب على الحكومة»، كما سمحت لنفسها بتحديد موعد انطلاق العام الدراسي في «شهر تشرين الأول»، ما يتعارض مع تصريحات سابقة لوزير التربية عباس الحلبي الذي حدّده «مطلع أيلول»، ما يشير إلى نيّة المنظمة تأجيل انطلاقة العام الدراسي.
وحول المدرسة الصيفيّة التي أكد بيان المنظمة تمويلها، قال عدد من مديري المدارس لـ«الأخبار» إن الأرقام الواردة في البيان «تجافي الحقيقة والواقع، إذ إن أيّاً من المبالغ المخصّصة لهذه الأنشطة لم تحوّل إلى صناديق المدارس، ولم تُدفع أجور الأساتذة والإداريين والعاملين الذين ساهموا في إقامتها، علماً أنّها ستختتم خلال أيام». والأمر نفسه ينطبق على بدلات الإنتاجية، إذ تدّعي المنظمة «دفعها مباشرةً إلى 15 ألف أستاذ»، بينما يؤكّد الأساتذة «أنّ الحوافز متوقفة منذ نيسان الماضي للدوامين الصباحي والمسائي».
عدد المدارس التي تُعلّم السّوريين وتستفيد من الدعم الدولي أقلّ بكثير ممّا أوردته المنظمة
بروباغندا الدعم تنسحب أيضاً على «مشروع المساعدة النقديّة للمتعلّمين» الذي ينصّ على دفع 20 دولاراً شهرياً لعدد من التلامذة. فقد أكّد البيان أن 70 ألف طفل تلقّوا الدعم وفقاً للبرنامج لإبقائهم في المدارس ولتأمين حضور دراسي منتظم. إلا أنّ المديرين يؤكّدون «عدم دفع سنت واحد، لا للتلامذة ولا للمدارس أو للمعلّمين». وهنا تظهر مرّة أخرى الاستقالة التامة لوزارة التربيّة من مهامها، وفتحها المدارس أمام المنظمات وشركائها للاطلاع على ملفات التلامذة وتحديد المؤهل منهم لتلقي المساعدة، إذ إن اليونيسيف مسؤولة عن مساعدة التلامذة في صفوف الأول، السابع، الثامن والتاسع الأساسي، وملفات التلامذة تُرسل الى ثلاث منظمات غير حكومية شريكة لليونيسيف في المناطق، فيما تغطي «منظمة كتابي» دعم صفوف الثاني، الثالث، الرابع والخامس. أمّا «كاريتاس» فتغطي أجور أساتذة الفنون والرياضة… ووزارة التربية تتفرج.
وفي البيان أيضاً، تشير المنظمة إلى «الالتزام بآلية الدعم الجديدة المتمثلة بالصندوق الائتماني للتربية»، الذي ينصّ على «استفادة 1237 مدرسة من التمويل الدولي»، إذ تؤكد اليونيسيف، «مساعدة 1074 مدرسة فقط»، ما يترك 163 مدرسة من دون أيّ تمويل لصناديقها، ويضعها أمام خطر الإقفال أو الدمج. اللافت أن مديرين يلفتون إلى أنّ عدد المدارس الرسميّة هو 958 مدرسة، عدا الثانويات، 342 منها فقط معنيّة بتعليم النازحين السوريين خلال فترة ما بعد الظهر، ما يطرح أسئلة حقيقيّة حول مصير الأموال المدفوعة، إذ إن عدد المدارس التي تعلّم السّوريين وتستفيد من الدعم الدولي أقل بكثير من الرقم الوارد في بيان المنظمة. لذلك، يتحدّى المديرون المنظمة نشر مدفوعاتها بالتفصيل من تحويلات لصناديق المدارس والمناطق التربويّة، والرواتب التي تدفع لموظفين في الوزارات تحت عنوان «مديرو مشاريع»، وهو ما تقوم به وزارة التربية التي تتيح أسماء الأساتذة مع المبالغ المقبوضة للاطلاع
Views: 15