طوفان الأقصى» لم يُسقط اسطورة الجيش الذي لا يُقهر وحسب، بل كشف زيف الإدعاءات الأميركية والغربية بالحرية والديمقراطية، وبالحرص الخادع على الأمن والسلام في العالم، وعلى حق الشعوب بتقرير مصيرها والعيش بأمان، وفي دولة مستقلة وتتمتع بكامل سيادتها.
لم تتورع الدول التي تُنصِّب نفسها في قيادة العالم زوراً، عن تكرار مسخرة المكيال بمكيالين في قضيتين تشغلان العالم اليوم: الحرب الروسية في أوكرانيا، والحرب الإسرائيلية في غزة. في الأولى وقفت أميركا وحلفاؤها الغربيون بكل ثقلهم إلى جانب أوكرانيا، بحجة مناصرة البلد المعتدَى عليه ـ كذاـ، وفي الثانية دعمت بأساطيلها وأسلحتها الدولة الإسرائيلية المعتدية على شعب أعزل في غزة، تشن عليه حرب إبادة وحشية، معلنة بكل وقاحة مخططها الإجرامي في تدمير غزة فوق رؤوس مليونين ونصف مليون من سكانها، ومحو القطاع المحاصر منذ ١٥ سنة عن الخريطة.
صحيح أن عملية حماس في المستوطنات المجاورة لغزة، وجهت ضربة موجعة للكيان الصهيوني، وكشفت هشاشة الغطرسة العسكرية الإسرائيلية، وأوقعت مئات القتلى والجرحى، وأسرت العشرات من الجنود والمستوطنين، لمبادلتهم بآلاف الأسرى من الرجال والنساء والأطفال، الذي يقبعون في السجون الإسرائيلية ظلماً وعدواناً، منذ سنوات، ومعظمهم دون محاكمات عادلة.
ولكن هذه الوقائع لا تبرر جرائم الحرب الموصوفة التي ترتكبها الطائرات الصهيونية يومياً في قصف النساء والأطفال بمئات الأطنان من القنابل، وتدمير المستشفيات والمدارس والمنازل، بدون رحمة بمصير شعب بكامله، وذلك بدعم وتأييد حاقد من واشنطن والعواصم الأوروبية، رغم كل المساعي التي يبذلها القادة العرب لوقف هذه المجازر البشعة، وتغليب لغة العقل والسلام، على ما عداها من سياسات الثأر والحرب والدمار.
لقد وقع الرئيس الأميركي نفسه جو بايدن، وغيره من الرؤساء الأوروبيين، ضحايا التضليل الإعلامي الصهيوني، بتركيب صور مفبركة لقطع رؤوس أطفال من قبل مقاتلي «حماس»، سرعان ما تبين زيفها، واعتذرت وسائل التلفزة الغربية عن نشرها، عندما تبين عدم صحتها. ولكن بعد أن تم إتخاذ قرارات إرسال الأساطيل إلى الشواطئ الفلسطينية، حاملين التهديد والوعيد، ليس للفلسطينيين وحسب، بل ولكل من يقف إلى جانبهم من العرب.
فماذا ننتظر من الحكومات الغربية المخادعة غير النفاق بأبشع صوره، والهيمنة على مقدراتنا؟
Views: 15