بعد تداعيات جائحة كورونا، قرر صندوق النقد الدولي أن يجيز للدول الأعضاء السحب من حقوق السحب الخاصة بهدف تعزيز مسار التعافي والنهوض الاقتصادي العالمي. وكان للبنان إفادة كبرى من التخصيص الذي وصل إلى ٦٥٠ مليار دولار في العالم. ذلك أن حصته بلغت ملياراً و١٣٥ مليون دولار، تسلمتها وزارة المال في أيلول من عام ٢٠٢١، أي في أشد الحاجة إلى تمويل بالعملات الصعبة كانت الخزينة في أمس الحاجة إليها لتغطية حاجات تمويلية ملحّة. وهذا ما حصل، إذ على الرغم من تعهد الحكومة عدم المساس بهذه الأموال، تم إنفاقها بنسبة كبيرة جداً ولم يبق منها أكثر من ٧٦ مليون دولار حتى نهاية آب الماضي، وفقاً للبيان الصادر عن المصرف المركزي في نهاية أيلول الماضي. وفي تفصيل لإنفاق تلك الأموال، وفق البيانات الحكومية الرسمية، فهي توزعت على تغطية تمويل استيراد الدواء (٢٤٣ مليون دولار) والقمح (١٢١ مليوناً) ومستحقات قروض (١٠٩ ملايين) وقروض للكهرباء (٢٢٣ مليوناً). وشكل إنفاق تلك الأموال محطة استياءً عبّر عنها رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان عندما تحدّث قبل أسابيع وغداة جلسة للجنة عن أن “الرقابة تنتفي عند الذهاب الى حسابات خاصة في مصرف لبنان خارج حساب الخزينة. وهو ما تم في ملف حقوق السحب الخاصة التي حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي. فلم يعد هناك مراقب لعقد النفقات، ولا ديوان محاسبة، ولا دخلت الأموال من ضمن الموازنة”، مشيراً إلى أن “وزير المال أجاب عن هذا الأمر بالقول إن ذلك تم بقرارات من مجلس الوزراء، أو من خلال كتب ترد من رئيس الحكومة. وفي ذلك مخالفة، لأن كل صرف بحاجة لقانون، وليس هناك من إنفاق من دون إجازة تأتي من مجلس النواب، وهو ما لم يحصل”.
وفي انتظار تبيّن مدى قانونية إنفاق أموال حقوق السحب أو عدمها، تكشفت معلومات لم تتأكد صحتها بعد عن توجّه لدى صندوق النقد جرت مناقشته على مستوى مجلس المديرين، يهدف إلى زيادة حصص حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء فيه بنسبة ٥٠ في المئة. وقد تلقفت بعض الأوساط المحلية هذا الأمر بإيجابية إذ رأت أنه سيزيد حصة لبنان بنحو ٤٠٠ مليون دولار.
والواقع أن مجلس المديرين في الصندوق يجري مراجعات دورية في ما يتعلق بإصدارات حقوق السحب والكوتا المخصصة لكل بلد، ويتخذ قرارات بتعديلها.
حتى الآن، لم تطلع السلطات اللبنانية على أي إجراء في هذا المعنى ولم تتبلغ أي أمر في هذا الشأن من الصندوق. وهذا ما لا يمكن نفيه أو تأكيده إلا متى تم إبلاغ السلطات المعنية به. ولكن أيّ توجّه لدى الصندوق لزيادة حقوق السحب لا يعني أن لبنان سيستفيد بل على العكس تماماً، سيتحتم عليه أن يسدّد النسبة الجديدة المعدلة لمساهمته في الصندوق. وبحسب مصدر وزاري مطلع، فإن لبنان لم يتبلغ رسمياً بعد أي حول مثل هذا التوجه، والدولة اللبنانية لن تتخلف عن دفع مساهمتها التي تبقى ضمن الاحتياط الخاص بحساب لبنان. وبالتالي، لن يكون هناك تخصيص للحقوق على غرار ما حصل بعد جائحة كورونا التي دفعت الصندوق إلى توزيع حقوق السحب من أجل مساعدة الدول على الخروج من أزماتها. وفي رأي مصدر مالي إن أي مراجعة سيقوم بها الصندوق في إجراء دوري ستكون نحو زيادة المخصصات وليس توزيعها.
والجواب على ضفة المصرف المركزي لا يختلف، إذ أفاد مصدر في الحاكمية أن المصرف لم يتلق أي تأكيد رسمي من الصندوق في هذا الشأن، ولا علم لديه بعد عن هذه المسألة
Views: 8