كتب نزار قباني هذه القصيدة، وألقاها في المهرجان الذي أقامته الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في مدينة تونس، بتاريخ 22 / 3 / 1980 م، بمناسبة مرور خمسة وثلاثين عامًا على تأسيسها،، حيث يقول: 1 يا تونس الخضراء جئتك عاشقا وعلى جبيني وردة وكتاب إني الدمشقي الذي احترف الهوى فاخضوضرت بغنائه الأعشاب أحرقت من خلفي جميع مراكبي إن الهوى ألا يكون إياب أنا فوق أجفان النساء مُكسّر قطعاً فعمري الموج والأخشاب هل دولة الحب التي أسستها سقطت عليَّ وسُّدت الأبواب؟ تبكي الكؤوس، فبعد ثغر حبيبتي حلفت بألا تسكر الأعناب 2 قمر دمشقي يسافر في دمي وبلابل وسنابل وقباب الفل يبدأ من دمشق بياضه وبعطرها تتطيب الأطياب والماء يبدأ من دمشق فحيثما أسندت رأسك جدول ينساب والحب يبدأ من دمشق فأهلنا عبدوا الجمال وذوبوه وذابوا والخيل تبدأ من دمشق مسارها وتشد للفتح الكبير ركاب والدهر يبدأ من دمشق وعندها تبقى اللغات وتحفظ الأنساب ودمشق تعطي للعروبة شكلها وبأرضها تتشكل الأحقاب 3 من أين يأتي الشعر؟ حين نهارنا قمع وحين مساؤنا إرهاب سرقوا أصابعنا وعطر حروفنا فبأي شيء يكتب الكتاب؟ والحكم شرطي يسير وراءنا سرًّا فنكهة خبزنا استجواب الشعر رغم سياطهم وسجونهم ملك وهم في بابه حجاب يا تونس الخضراء هذا عالم يثري به الأمي والنصاب فمن الخليج إلى المحيط .. قبائل بَطِرَت فلا فكر ولا آداب 4 هل في العيون التونسية شاطئ ترتاح فوق رماله الأعصاب؟ أنا يا صديقة متعب بعروبتي فهل العروبة لعنة وعقاب؟ أمشي على ورق الخريطة خائفا فعلى الخريطة كلنا أغراب أتكلم الفصحى أمام عشيرتي وأعيد.. لكن ما هناك جواب لولا العباءات التي التفوا بها ما كنت أحسب أنهم أعراب يتقاتلون على بقايا تمرة فخناجر مرفوعة وحراب قبلاتهم عربية.. من ذا رأى فيما رأى قبلا لها أنياب وخريطة الوطن الكبير فضيحة فحواجز ومخافر وكلاب والعالم العربي إما نعجة مذبوحة أو حاكم قصاب والعالم العربي يرهن سيفه فحكاية الشرف الرفيع سراب والعالم العربي يخزن نفطه في خصيتيه وربك الوهاب والناس قبل النفط أو من بعده مستنزفون فسادة ودواب يا تونس الخضراء كيف خلاصنا؟ لم يبقَ من كتب السماء كتاب ماتت خيول بني أمية كلها خجلًا وظل الصرف والإعراب فكأنما كتب التراث خرافة كبرى فلا عمر.. ولا خطاب إن جاء كافور فكم من حاكم قهر الشعوب وتاجه قبقاب 5 وإذا قسوت على العروبة مرة فلقد تضيق بكحلها الأهداب فلربما تجد العروبة نفسها ويضيء في قلب الظلام شهاب ولقد تطير من العقال حمامة ومن العباءة تطلع الأعشاب قرطاجة.. قرطاجة.. قرطاجة هل لي لصدرك رجعة ومآب؟ لا تغضبي مني إذا غلب الهوى إن الهوى في طبعه غلاب فذنوب شعري كلها مغفورة والله جل جلاله التواب
Views: 3