عندما نتكلّم عن الأمومة، تسجد الأبجدية وتخشع الأحرف مصطفّة برونق وإبداع في الفضاء المتّسع اللامحدود من العطاء أنت يا من طوّعتِ التحدّيات صبراً، ووقفتِ على تخوم المعارك صامدة وقدّمتِ فلذات كبدك ولم تنحني أبداً. أنت يا من ذلّلتِ مآسي الحياة، وابتسمت من عمق الألم، فكانت النظرية أن الأمّ لا تُهزَم، وإن خسرت فخسارتها تضحية لتقديم الأفضل. يا شعاعاً يضيء الكون كلّه بلوحات ملوّنة حباً وحناناً وطيبة. تستأثر القلوب وتستهوي الأبصار وتتمتّع الروح بما زخرت. أنت الطبيعة العذراء، وأنت الأنثى الوانسة في عالم الوحشة والظلمة. أنت المدن الفاضلة مهما اشتدّت المِحن، وإن كانت الثورة أنثى أسيرة مكبّلة بقيود التبعية فإن المقاومة أنثى حرّة أبية ترفض أن تركع والتاريخ سوف يشهد. أنت يا صاحبة الأرض الخصبة بدماء النبلاء خيرة من خرج إلى الدنيا من صُلبك. تزاحمت النزاعات في عالم افتقد للمبادئ والقيم. فابتكرتِ من أمومتك بوارق الأمل، طاقة تعبيرية فاقت اختراعات العلماء على مرّ الزمن. أنتِ وجه الخير بهطلة مطر، وأنت لفحة الشمس الدافئة لحظة بزوغ الفجر، والحضن الدافئ الذي يعانق الأرواح التي فقدت صلة الرحم فلم يبقَ هناك يتيماً يبكي الوحدة إن امتدّت أوصاله لتعانقك فينسى ألم الفراق وشجون الحزن والتعب. سألقي بك قصائد الغزل تتغنّى بها أجيال الأمم ويفاخر بها الأدباء في كلّ ندوة ومحضر. ولن نلقي اللوم على من لا يفهم، فأنت حقيقة يعجز تحصيلها من سكن باطنه الباطل واعتمد التشويه والتحريف حرفة متقنة لا يعترف أنك خير أمة خرجت للبشر. سورّيتي، يا فلسفة الوجود الأجمل. ستبقين حبّي الأبديّ الأوحد. سأحضنك في لحظات الحزن والفرح. سأغسل بدموعي همّك وأزيح عن قلبك التعب. كلّ سنة وأنتِ أمّي من دون تعليق أو خيارات، ومن دون أن أسأل، فالحيرة مرارٌ وغربة، والحياد عنك ما هو إلا قرار بالهجرة. أنت البذخ والترف، تملكين أطايب الحياة وإن اجتاحتك موجات العوز والفقر. كل سنة وأنت شامخة حرّة، كلّ سنة وأنت أمّي التي بها أفتخر… سوريتي! سناء أسعد
Views: 1