غسّان القيّم
………………………..
نظام المؤاخاة في الشرق الأدنى القديم كان فيه من المرونة التي تسمح للمرأة وفق ظروف
وملابسات معينة أن تكون القائدة أو المهيمنة على أخيها المتبني .وقدم المجتمع والقانون للنساء في أوغاريت وسائل تخييرية وجاذبية من الزواج التقليدي . واللوح الفخاري المكتشف في أوغاريت وهو مدون باللغة الأكادية ومن خلال ترجمته تبين بأنه يتضمن أن امرأة تبنت رجلا كأخيها . ونحن نطرح السؤال ما الذي ستجنيه هذه المرأة الأوغاريتية من حيث صيرورتها أن تكون أختا بدلا من زوجة لهذا الرجل الذي اختارت العيش معه ?! ..يمكن القول إن كثيرا من العلاقات في الأحوال العادية لم تكن تتضمن المساواة مثل العلاقة بين السيد والعبد أو بين رب العمل والمستخدم أو بين الأب والابن أو بين الزوجة والزوج فكل هذه العلاقات لم تكن علاقات تبادلية ولم تتمتع المرأة في حياتها من الناحية التاريخية بالمساواة مع الرجل سواء مع أبيها أو مع زوجها لاحقا . لكن بعض النسوة الثريات مثل » إنووا« بطلة اللوح الأوغاريتي لم تكن لديهن الرغبة في الخضوع لسيطرة الزوج من تحقيق ضرورات ومتع الحياة الزوجية . وما دام » انووا « هي التي لقنت كاتب العقد فينبغي رؤية أن العقد سوف يحقق مصلحتها في المقام الأول فهي ( وليس الزوج ) من اقترحت الإجراءات القانونية كلها عبر تبني » يادو أدو « كأخ لها . وهذا بقناعتي دهاء قانوني تمتعت به » إنووا« المرأة المتبنية . لذلك لا تعد الوثيقة محل الدراسة من قبيل تبني الأخوات العادي لأنه يفترض تمتع الرجل الأخ بمسؤوليات وامتيازات الأخ مع سيادته على اخته المتبناة وله حق تزويجها وأخذ ثمن زواجها المستقبلي ( المهر ) وإذا عدنا الى اللوح القانوني الأوغاريتي نراه ينظم زواج سيدة ميسورة برجل واشتراكهما في الملكية وإقامتهما في منزلهما أما اذا تكدر الزواج ( المستتر ) وراء علاقة الأخوة الصورية وأبغض احدهما الآخر فإن الشريك الذي يرغب في فسخ العلاقة يستطيع إلغاء هذا الاتفاق . ولكن وجد اختلاف هام من حيث كيفية فسخ هذه العلاقة من الناحية العملية لأنهما كانا يعيشان حيث ينبغي على الرجل الرحيل بينما لا يمكنه اجبار الزوجة على ذلك . وسجل في العقد المذكور إن طرفي العقد سوف يعيشان معا وثبت الملكيات المنقولة التي احضرها » يادو أدو« لمنزل » إنووا« ( المتبنية ) دخول العقد . » إنووا« سلطة التحرر أو التخلص من » يادو أدو « مقابل أن تدفع له مقدارا ماليا تم تحديده مسبقا . ويدل مضمون العقد على المساواة والتكافؤ التام بين طرفيه وعلاقة المؤاخاة المنعقدة بين بطلي العقد الأوغاريتي المذكور لم تتضمن أن أحدهما أكبر والآخر أصغر . بل نجد أكثر من ذلك في العقد الأوغاريتي في تشارك الطرفين في كل ممتلكاتهما مع حق وجود فسخ العلاقة العقدية بينهما للطرفين معا . ويبقى هذا العقد محاولة هامة ومدهشة من قبل امرأة منذ زمن بعيد لكسب المساواة مع الشخص المتبنى في عالم لم يعترف أو يشجع العلاقة التبادلية أو المتكافئة بين الزوج والزوجة . والنص الأوغاريتي الذي يتضمن عقد المؤاخاة موجود في المتحف الوطني بدمشق يحمل الرقم (RS. 210 . 23O ) . يقول : بدءاً من هذا اليوم في حضور شهود ..» إنووا« تبنت » يادو أدو « ولايوجد أكبر ولا أصغر بينهما . جلب يادو – أدو 1000 ثاقل من الفضة و3 تالنت من البرونز وأربع إماء وستة عبيد و 100 غنمة وتسعة ثيران وحمارين و 20 كرسياً وسريرين . وطاولات : هذا ما جلبه » يادو – أدو ..الى منزل » إنووا« فضلا عن ذلك إذا طردت » إنووا « أخيها يادو أدو .. فإن » إنووا « سوف تدفع ثاقل من الفضة ليادو أدو من عقارات وعبيد وإماء وثيران وطاولات وكراسٍ . وكل شيء كان معه سوف يتشاركان فيه . لكن اذا بدأ يادو أدو في كره » إنووا « اخته وقال لها : معك لن أعيش فيلزم يادو أدو بالرحيل عن المنزل . ….. بقية النص مهشمة شاهد :يانهامو بن شو …. شاهد : كووانو بن دي …. طبعة الختم كووانا – ياشمو كاتب العقد [ بدون تاريخ وهكذا نرى بأن أهم مايميز العقد المذكور هو البند الذي يضبط شروط فك عقد التآخي .فإذا كانت المرأة هي المبادرة الى فسخ العقد ينبغي عليها أن تدفع غرامة مالية كبيرة إلى أخيها وأشار إلى اقتسام جميع الموجودات بين الأخين . أما إذا أراد الأخ فسخ العقد فلن يدفع أية غرامات بل يترك البيت ويذهب . هذا اللوح الأوغاريتي كتب باللغة الآكادية كما ذكرنا وهو وثيقة هامة جدا يسجل تبني امرأة رجلا ك أخيها ..
عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم