أصدرت دار الساقي روايةً جديدةً للكاتبة المصرية العالمية نوال السعداوي، التي ترجم بعض أعمالها إلى 39 لغة. تخرّجت السعداوي من كلّية الطب ـ جامعة القاهرة عام 1955 وتعرّضت بسبب أفكارها وكتاباتها إلى الفصل من العمل والسجن والنفي والتهديد بالقتل.
أما عن الرواية، فتروي نوال السعداوي قصّتها المثيرة:
وأنا أرتّب أوراقي القديمة في أحد الأدراج المهملة في مكتبي عثرت على كراسة من كراريسي عندما كنت في السنة الأولى في المدرسة الثانوية، مكتوب عليها: واجب الإنشاء. كان ذلك عام 1944، وقد طلب منّا مدرس اللغة العربية أن نختار موضوعاً نكتب عنه ثلاث صفحات لحصة الإنشاء المقبلة.
واخترت هذا الموضوع «مذكرات طفلة اسمها سعاد»، وأمضيت أسبوعاً كاملاً أكتب، فملأت الكراسة كلها وأعطيتها للمدرس، فقرأها وأعطاني صفراً وردّ لي الكراسة، على أن أقدّم له موضوعاً آخر من ثلاث صفحات فقط.
وبقيت الكراسة ضمن أوراقي خمسة وأربعين عاماً تقريباً، حتى عثرت عليها قبل أيام، وقرأتها، ودهشت كيف كتبتها في ذلك الوقت المبكر من حياتي، وكيف أعطاني المدرس صفراً؟! ما زلت أذكر شكله: كان قصيراً سميناً يرتدي طربوشاً مكرمشاً يسقط حتى أذنيه، وفي يده عصا من الخيزران يلسعنا بها، وعيناه من وراء النظارة البيضاء السمكية مثل قعر الزجاجة، جاحظتان تنظران إليّ ببغض وهو يصيح قائلاً: صفر!
ربما هذا «الصفر» هو الذي جعلني أتوقف عن الكتابة سنين طويلة، وجعلني أدخل كلية الطب بدلاً من كلية الآداب.
ولولا أبي وأمي، لانتهت حياتي بمثل ما انتهت حياة سعاد. ولهذا رأيت أن أنشر هذه الأوراق القديمة، وأن أهديها إلى كل طفلة «أو طفل» تراودها فكرة الكتابة أو تشعر برغبة في ذلك. وكم من المواهب المبكرة تضيع بسبب التربية والتعليم والتقاليد البالية كما ضاعت موهبة سعاد!
Views: 1