لم يبخل بلقاء أو أي نداء، ما عرفناه إلا مبدعاً في كل ألوان الحياة، ابن اللواء السليب هنا في دمشق، في حلب، في اللاذقية، في كل بقعة جغرافية حملت لوناً وحرفاً وكلمة وأضاءت وأشعلت منارات.. لم يغرك المال ولا الاتجاهات التجريبية التخريبية فكنت المبدع الحق والفنان الذي يليق به أن ينادى به، هو الفنان المبدع حيدر يازجي.
يقول في لقاء صحفي: أنا من خريجي الدفعة الأولى في معهد الفنون التشكيلية في حلب ضمن اختصاص (رسم)، ثم درست في جامعة دمشق، وبعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة تم ترشيحي للبعثة، كانت لدي الفرصة لدراسة أكثر من اختصاص، وكنت أعمل ما بين (15 إلى 17) ساعة يومياً، وحصلت على ماجستير في (إخراج الديكور السينمائي والتلفزيوني) وفي الوقت نفسه ماجستير في (التصوير الزيتي) وكنت من محبي كلية الرسوم المتحركة لذلك كانت اطروحة الدكتوراه (وضع أول قوانين حركة لأفلام الكرتون) ووضعت سلسلة «كيف يمكن أن تحرك الأجسام»، وقد أعتمدت هذه الأطروحة كتاباً يدرس في معهد السينما لكونه أول كتاب يشمل جميع قوانين الحركة للرسوم المتحركة.
وعن المحطات في حياته يقول: يمكن القول: إن في حياتي نقاطاً أساسية تبدأ من مرحلة التكوين في معهد الفنون التشكيلية في حلب وفترة وجودي في موسكو التي أعدّها فترة انتقال من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف والتميّز، وكنت أحاول ملاحظة ودراسة أعمال أعظم الفنانين العالميين والاستفادة منهم، وخلال وجودي في موسكو قدمت حوالي 12 معرضاً، وعندما عدت إلى سورية أقمت أول معرض عرض فيه حوالي 600 عمل وهو نتاج أعمالي في موسكو.
وعن أحلامه في تقديم أعمال عن النضال يقول:
دائماً تعبير الحزن أبلغ من تعبير الفرح، وأحب أن يعكس العمل الفني مسحة الحزن والكآبة، وحتى أثناء التفكير والتأمل تظهر على وجه الإنسان علامات الحزن، فمسحة الحزن هي (كاركتر) للإنسان يعكسها الفنان من خلال الوجه والعين والحركات وأنا أفضّل أن استخدم اليد للتعبير إذ يوجد في اليد تفكير وتعبير لا يقل عن وجه الإنسان، وكان جزء من أحلامي أن أقدم أعمالاً عن النضال واستطعت أن أحقق جزءاً منها عندما قمت برسم لوحة عن (بانوراما حرب تشرين التحريرية) وكانت لوحة جميلة نالت إعجاب الكثيرين وطبع منها بالآلاف.
د.حيدر يازجي من مواليد عام 1946 في مركز الفنون التشكيلية في حلب تخرج فيها عام 1961، وعمل مدرساً للفنون في مدارس حلب عام 1963… شارك في معرض الربيع الأول في حلب، وفي عام 1964 فاز بالجائزة الأولى لمعرض طلاب وخريجي مراكز الفنون التشكيلية الذي أقيم في حمص، كما شارك في معظم المعارض الرسمية في سورية… عام 1969 انتسب إلى كلية الفنون الجميلة في دمشق.
حيدر يازجي هو من رسم حين عودته لوحة البانوراما الرائعة عن حرب تشرين تلك اللوحة التي ضمّنها كل خبرته الفنية والتقنية ليجسد بها القيمة العظيمة التي أنتجها الجندي العربي السوري في تسطير تلك الملحمة المجيدة في تاريخنا المعاصر.
هو ذاك الفنان الهادئ الباسم لكل شيء لآلامه وأفراحه، صاحب الظل الخفيف، كما يقول عنه كل الفنانين، كان يقاوم بابتسامة ويرسم بابتسامة ويختلف معك بابتسامة.. كان يحب ويكره بابتسامة، قاوم مرضه سنين طويلة بابتسامة، وغادرنا بابتسامة، رسم رائعته بانوراما حرب تشرين وغادرنا في تشرين.
حيدر يازجي أيها الفنان الراحل سوف تحكي عنك أعمالك كل يوم ربما قصيدة أو قصة أو ستكلمنا عنك صور لونية لتبقى بيننا.
Views: 7