للأسبوع الثالث عشر على التوالي شهدت باريس ومدن فرنسية أخرى اليوم احتجاجات شعبية واسعة ضد سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاقتصادية مطالبة باستقالته بينما واجهتها الشرطة الفرنسية باستخدام أساليب القمع المختلفة في محاولة لاحتواء ووقف اتساعها وامتدادها ما أدى إلى إصابات في صفوف المتظاهرين.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن مئات المحتجين من حركة السترات الصفراء وقوى فرنسية أخرى تجمعوا في جادة الشانزيليزيه في العاصمة باريس وعند قوس النصر كما تجمع آخرون عند برج إيفل.
ورفع المتظاهرون لافتات تطالب باستقالة ماكرون وسط اجراءات أمنية مكثفة وانتشار واسع لقوى الشرطة التي أطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع واستخدمت الهراوات ما تسبب بإصابة عدد من المحتجين بينهم إصابة خطيرة إضافة إلى حالات اختناق.
كما اعتقلت الشرطة عشرة محتجين على الأقل في باريس لدى محاولتها ترهيبهم ووقفهم عن استمرار المظاهرات.
وفي هذا السياق قال أحد المتظاهرين: إنه “يجب الاستمرار في التحرك وعلينا أن نكسب المعركة من أجل مزيد من العدالة الاجتماعية في فرنسا” مطالباً بإعادة فرض الضريبة على الثروة التي خففها كثيراً ماكرون ومؤكداً أن هذه الحركة الاحتجاجية تعبر عن الغضب الاجتماعي الحقيقي لأناس لا يسمع صوتهم أبداً.
وتضاربت التقديرات حول أعداد المتظاهرين الذين أموا شوارع العاصمة باريس فبينما لم تقر وزارة الداخلية الفرنسية سوى بـ 58600 متظاهر أكد منظمو الاحتجاجات أن عدد المتظاهرين بلغ 116 ألفاً كما شهدت مدن بوردو وتولوز جنوب غرب فرنسا وليل في الشمال ونانت ورين وبرست غرب البلاد احتجاجات حاشدة واسعة.
وتشير أحدث استطلاعات للرأي أن نحو ثلثي الفرنسيين أي 64 بالمئة منهم يدعمون هذه الاحتجاجات بينما تشهد شعبية ماكرون انحداراً متزايداً وهبوطاً إلى مستويات قياسية حيث يعتبر معظم الفرنسيين أن سياساته تصب في مصلحة الشركات والأثرياء فقط دون أن تعالج المشكلات الرئيسة المطروحة في فرنسا ويصفونه بأنه رئيس الأغنياء في وقت يرى فيه مراقبون أنه يسير على خطى سلفه فرانسوا هولاند الذى سجل أدنى مستوى للشعبية وذلك نتيجة الفشل الذريع الذي واجهته سياساته على مختلف الصعد الداخلية والخارجية.
ويطالب محتجو حركة السترات الصفراء في مختلف المدن الفرنسية بزيادة الرواتب ورفع الأجور وتحسين الأوضاع المعيشية في البلاد عموماً حيث تؤكد البيانات الاقتصادية اتساع نطاق البطالة في البلاد كما تفيد الأرقام بوقوع نحو خمسة ملايين فرنسي “تحت خط الفقر”.
وجاءت احتجاجات اليوم في تحد لمشروع القانون الذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية “البرلمان” الذي يهيمن عليه الحزب الحاكم يوم الأربعاء الماضي ويمنح حكام المناطق والإدارات المحلية صلاحيات حظر التظاهر في مسعى جديد لقمع احتجاجات الفرنسيين المطالبين بحقوقهم.
إلى ذلك أعلن رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية ريشار فيران المنتمي لحزب ماكرون أن منزله الخاص الكائن في بلدة موتريف في بريتانيي غرب البلاد تعرض لمحاولة حرق متعمدة أمس معلناً عزمه تقديم شكوى ضد المتهمين بالحرق دون أن يوضح تفاصيل أخرى.
يذكر أن احتجاجات السترات الصفراء انطلقت في منتصف تشرين الثاني الماضي بسبب ارتفاع الضرائب على الوقود إلا أن المطالب توسعت بعد مماطلة حكومة ماكرون وإدارته في الاستجابة لاحتياجات المحتجين ومطالبهم بينما يحاول ماكرون وأعضاء حزبه اتهام حركة السترات الصفراء التي تقود الاحتجاجات بعمليات التخريب التي تشهدها البلاد في محاولة لإثارة الفرنسيين ضدهم وهو أمر تنفيه الحركة باستمرار.
Views: 3