على رغم محاولة المسلحين التقدّم في الوقت الضائع، إلا أن الخريطة الميدانية بقيت على حالها (الأخبار)
على رغم انعقاد قمة موسكو، التي جمعت الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، أمس، إلا أن العمليات العسكرية لم تتوقف في منطقة إدلب، خصوصاً من جهة المجموعات المسلحة والقوات التركية. وفي حين كان يتشاور الرئيسان حول مصير المنطقة التي تزايد فيها التصعيد العسكري في الأشهر الأخيرة إلى مستويات قياسية، هاجمت الفصائل المسلحة مدعومة بغطاء ناري تركي كثيف محيط مدينة سراقب في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، من دون أن تتمكّن من تحقيق أيّ نتائج. إذ استطاع الجيش السوري صدّ الهجمات، كما قصف مرابض المدفعية التركية، ما أدى إلى مقتل جنديين تركيين وإصابة 3 آخرين. كذلك، شنّ هجمات مدفعية وصاروخية وجوية ضدّ العديد من أهداف المسلحين في ريف إدلب الجنوبي. ونشرت وكالة «سانا» الرسمية مشاهد جوية تظهر قيام الجيش باستهداف دقيق لمواقع المسلحين في إدلب، في وقت بدا فيه لافتاً انخفاض وتيرة التحركات التركية العسكرية، جواً وبرّاً، باستثناء الدعم المدفعي والصاروخي للمسلحين.
وعلى رغم محاولات المسلحين العديدة تحقيق مكاسب ميدانية في الوقت الضائع قبيل بدء سريان وقف إطلاق النار منتصف ليل الخميس – الجمعة، إلا أن الخريطة الميدانية بقيت على حالها، وعلى أساسها ثُبّت وقف إطلاق النار، وما حوله من تفاهمات بين موسكو وأنقرة. وكما كان متوقعاً، توصّل الطرفان إلى قرار بالتهدئة الميدانية، وتفاهم يخصّ فتح الطريق الدولي حلب – اللاذقية (M4) ).
تؤكد مصادر عدة متابعة أن «هذا التفاهم مرحلي، وليس اتفاقاً نهائياً»
وتبنّى الرئيسان الروسي والتركي وثيقة مشتركة تشمل عدة نقاط، أُطلقت عليها تسمية «البرتوكول الإضافي للمذكرة حول إرساء الاستقرار في منطقة إدلب لخفض التصعيد والمؤرخة بيوم 17 أيلول 2018». وجاء فيها أن «لا حلّ عسكرياً للنزاع السوري، الذي يمكن تسويته فقط نتيجة لعملية سياسية يقودها وينفذها السوريون بأنفسهم بدعم الأمم المتحدة، وفق القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي». ولعلّ أهمّ نقاط الوثيقة التي ستُترجم مباشرة هي وقف إطلاق النار على طول خطوط التماس القائمة اليوم، بالإضافة إلى «إنشاء ممرّ آمن عرضه 6 كيلومترات شمالاً، و6 كيلومترات جنوباً، من الطريق (M4)»، على أن «يتمّ تنسيق المعايير الدقيقة لعمل الممرّ الآمن عبر قنوات الاتصال بين وزارتًي الدفاع للاتحاد الروسي والجمهورية التركية في غضون 7 أيام»، علماً أن فتح «حلب – اللاذقية» كان مطلباً اساسياً لدمشق وموسكو وطهران، وهو مكرّس في «اتفاقات سوتشي» التي كانت تتهرّب أنقرة من تنفيذها. كما اتّفق الطرفان على تسيير دوريات مشتركة بدءاً من 15 آذار/ مارس الجاري على الطريق نفسه، على الجزء الممتدّ بين ترنبة (غربي سراقب) وعين الحور (شمال شرقي اللاذقية)، بمسافة تصل إلى 70 كم. والأهمّ من ذلك هو تثبيت خطوط التماس الحالية، مع ما يعنيه الأمر من فتح الطريق الدولي حلب – دمشق (M5) كاملاً، وإبقائه تحت سيطرة الجيش السوري.
لكن في المقابل، ثَبّت التفاهم الجديد وجود القوات التركية على طول خطوط التماس، جنباً إلى جنب مع مسلّحي الفصائل، ابتداءً من دارة عزة شمالاً، وصولاً إلى تقتناز ومحيطها جنوباً شرقيّ مدينة إدلب. وهذا ما قد يفتح مجالاً لجولات جديدة من الاشتباك بين الجيشين السوري والتركي في المنطقة، على غرار ما حصل في الأيام الماضية. إذ تؤكد مصادر عدة متابعة أن «هذا التفاهم مرحلي، وليس اتفاقاً نهائياً، وبالتالي فإن عودة العمليات العسكرية محتومة مستقبلاً، ما يعني مواجهة جديدة مع الجيش التركي».
وبانتهاء هذه المرحلة من العمليات العسكرية، عبر بدء سريان وقف إطلاق النار، يكون الجيش السوري وحلفاؤه قد سيطروا منذ بداية عملياتهم في أرياف حلب (الجنوبي – الجنوبي الغربي – الشمالي الغربي) وريفَي إدلب (الشرقي – الجنوبي) في أوائل العام الحالي، على ما يقارب 215 قرية وبلدة وناحية. كما يكونون قد تمكّنوا من تأمين طريق دمشق – حلب الدولي، بعد أن حرّروا مسافة ما يقارب 100 كم من هذا الطريق. ووفق خريطة السيطرة هذه، باتت المساحة التي استعادها الجيش السوري تُقدّر بحوالي 1900 كم مربّع.
الاخبار اللبنانية
Views: 1