من المتوقّع أن تحقّق المشاركة السياسية المتنوّعة لغالبية رؤساء الكتل النيابية أو الممثلين عنهم في قصر بعبدا، لمناقشة خطة الإنقاذ المالية والإقتصادية، خطوة إلى الأمام في مسيرة الإنتقال في المشهد الداخلي من التأزّم إلى الحركة المنتجة، ولو من دون أي أفق واضح لما ستؤول إليه النقاشات المستفيضة في توجّهات الحكومة المالية في الدرجة الأولى، والإقتصادية في الدرجة الثانية. وإذ تؤكد مصادر نيابية مطلعة، أن التشاور على طاولة بعبدا في بنود الخطة المذكورة، ومن قبل كل الأطراف الداعمة والمعارضة للحكومة، سيفتح الباب أمام إجراء تعديلات في المعادلة السياسية القائمة، إذ أن أي حلحلة على مستوى العلاقات السياسية، خصوصاً بين الفريق الحكومي ومعارضيه، لا بد من أن يحمل مؤشّرات ذات طابع مستقرّ، حيث أنه من المبكر الحديث عن إيجابيات سوف تتحقّق بشكل سريع فور إقرار خطة الإنقاذ، وذلك في ضوء مقاطعة تيار «المستقبل» لها والتحفّظات والإعتراضات المسجّلة ضدها منذ إعلانها يوم الجمعة الماضي من قبل رئيس الحكومة حسان دياب.
وبصرف النظر عن الأهداف الكامنة وراء لقاء بعبدا، وعن الأهداف التي سوف تحقّقها، تقول المصادر النيابية نفسها، أن التحدي الأساسي في نجاح هذه الخطة أو نجاح الإنقاذ، لا يقتصر فقط على حجم التأييد السياسي والشعبي الداخلي في لبنان لها، بل هو مرهون بمجموعة عوامل خارجية تتّصل بإرادة المجتمع الدولي وعواصم القرار بتقديم الدعم المالي الضروري لإعادة تحريك عجلة النمو قبل الإنطلاق في تنفيذ خارطة طريق الإنقاذ المنشود. وفي هذا المجال، فإن الإنتقادات التي سجّلها بالأمس بعض النواب من ساحة النجمة بالنسبة لمضمون هذه الخطة، قد ركّزت على الغياب الواضح للإصلاح وفق ما يطالب به المجتمع الدولي ومعارضو الحكومة واللبنانيون الذين يتحرّكون في الشارع يومياً، على حد قول المصادر النيابية، والتي أشارت إلى مسؤولية الحكومة في الإجابة على كل التساؤلات المطروحة حول المرحلة المقبلة، وإلى مواجهة التحفّظات بأسلوب شفّاف، ومن خلال إبداء المرونة بالنسبة لإدخال بعض التعديلات الضرورية التي طرحها نواب من كتل مختلفة، وخبراء ماليون واختصاصيون.
وفي سياق متصل، ترى هذه المصادر، أن الوقت بات يضغط بقوة على الوضع الإجتماعي، فيما الشارع يضغط على الحكومة، وأن هذا الواقع يستدعي وضع حدّ لعملية إضاعة الوقت بالسجالات والخلافات بدلاً من الذهاب إلى التفاوض سريعاً مع صندوق النقد الدولي كونه طريق الحل الوحيد، علماً أن الحكومة قد تأخّرت في اعتماد هذا الخيار الواقعي والمحتوم الذي يربط أي مساعدة مالية بالإصلاح الجدي.
ومن هنا، تخلص المصادر ذاتها إلى التأكيد بأن الطريق ما زالت غير معبّدة بالكامل أمام خطة الإنقاذ، رغم كل الجهود المبذولة لتحقيق توافق سياسي حولها، ذلك أن الضغوط، كما الشروط التي سوف تفرض على لبنان قبل البدء بالتنفيذ من قبل المجتمع الدولي، سوف تتركّز على وجوب إقدام الحكومة على خطوات إصلاحية عملية، وليس فقط عرض خارطة طريق للإنقاذ تشبه العديد من الخطط التي تقدّمت بها الحكومات السابقة منذ العام 2003 إلى مجموعة الدعم الدولية للبنان.
Views: 0