يودي التدخين بحياة أكثر من ثمانية ملايين نسمة في أنحاء العالم منهم أكثر من سبعة ملايين مباشرة ونحو 2ر1 مليون من غير المدخنين المعرضين للتدخين غير المباشر في كل عام وفق إحصائيات منظمة الصحة العالمية.
وبالرغم من مساوئ التدخين بجميع أشكاله لا يزال العديد من الأشخاص في العالم غير مكترثين بالدراسات العلمية والإحصائيات التي تشير إلى مخاطره على صحة الإنسان وأضراره على أجهزة الجسم كافة.
الاستشارية بأمراض الدم وعلاج الأورام الدكتورة زاهرة فهد أكدت أن التدخين مسؤول عن عدد كبير من الوفيات بسبب السرطان وخاصة الرئة والمعدة والمري وجوف الفم والمثانة مبينة أن أكثر من 50 بالمئة من الوفاة بالسرطانات ناجمة عن التدخين ومشيرة إلى أن إيقاف التدخين يسهم بتخفيض نسبة وفيات سرطان الرئة بشكل ملحوظ.
ويرتبط التدخين بالإصابة بالسرطان وفي حال استمراره لمدة عشرين إلى ثلاثين سنة يؤدي بشكل حتمي إلى طفرات في الجينات التي تساهم بتطور الإصابة بالسرطان خاصة سرطان الرئة مبينة أن سرطان البنكرياس من أخطر أنواع السرطانات وتكون نسبة الوفيات به عالية ومرتبط بعدد السجائر بالإضافة إلى تأثيره على الجهاز المناعي خاصة عند الجنين فالأمهات اللواتي يدخن عادة أطفالهن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التنفسية وتكون مناعتهم أضعف.
ويحتوي التبغ وفق الدكتورة زاهرة على 4700 مادة كيميائية منها ستون مادة مسرطنة كأول أوكسيد الكربون وهو غاز سام يرتبط بالكريات الحمراء بالدم ويتسبب بضرر للشرايين ونسبة ارتباطه بالخضاب تفوق نسبة ارتباط الأوكسجين وتشكل كاربوكسي الهيموغلوبين وهي مادة مسرطنة تؤدي إلى اضطرابات عصبية تجعل المدخن في حالة عصبية وتوتر دائم إضافة إلى مادة النيكوتين السامة والمنبهة للجهاز العصبي التي تسبب الإدمان ومادة القطران التي تتسبب في اصفرار الأسنان وتشكيل النخور والتهاب اللثة وأيضا لها تأثيرات ضارة على الرئتين وأنسجتها وهو من أحد المواد المسرطنة القوية المؤدية للإصابة بالتهاب القصبات المزمن وسرطان الرئة ومادة الأمونيا وسيانيد الهيدروجين والزرنيخ وهي من المواد المسرطنة ومادة الكادميوم وهي من العناصر الثقيلة السامة وتؤدي إلى تهيج الأغشية المخاطية وتشكل التهابات بباطن القناه التنفسية ومادة الفورالدهيد التي تعتبر من المواد الضارة لمجرى التنفس.
ويوضح الاختصاصي في الأمراض الصدرية الدكتور جان شاهين أن التدخين يؤدي إلى مشكلات تنفسية عديدة كالسعال المزمن والإفراز المستمر للبلغم والتهاب القصبات المزمن وحساسية الأنف المزمنة ووجود مذاق سيء في الفم ورائحة كريهة منه مشيرا إلى زيادة خطر الالتهاب المستمر لمجرى الهواء العلوي مثل الحنجرة والبلعوم والإصابة بسرطان البلعوم والحبال الصوتية والرئتين والقصبات الهوائية.
ويؤدي التدخين المزمن بحسب الدكتور شاهين إلى الإصابة بربو المدخن أو الداء الرئوي الانسدادي المزمن والذي يعد أحد أكثر الأمراض ضرراً وفقدان القدرة على التنفس بالشكل الطبيعي والتدمير المستمر لجدران الحويصلات الذي يؤدي إلى انخفاض القدرة على التبادل الغازي وبالتالي القصور التنفسي المزمن مع زيادة الكربون في الجسم مبينا أنه يزيد أيضا من نوبات الربو الشديدة كما يزيد من عدم القدرة على التحكم بالربو المزمن وخطر الإصابة بالسل الرئوي.
وأثبتت الدراسات وفق الدكتور شاهين أن التدخين لا يتسبب بالإصابة بالسرطان فحسب بل يزيد أيضاً من نمو الأورام السرطانية الموجودة أصلاً ويساعد على سرعة انتشارها في الجسم وهو ما يوضح لماذا يتم اكتشاف سرطان الرئة لدى المدخنين في مراحل متقدمة حين لا تكون هناك فرصة للجراحة.
وبين اختصاصي الأمراض القلبية الدكتور بركات شاهين أن الشرايين تتميز بشكلها الطبيعي ببطانة “طبقة داخلية” سليمة ملساء لا تسمح بالتصاق كريات الدم الحمراء أو الصفيحات عليها مما يسمح بجريان سلس وسهل للدم ضمن هذه الشرايين وبالتالي وصوله إلى الأعضاء المطلوبة ونقل الأكسجين إليها ومنها العضلة القلبية التي تتروى من خلال الشرايين الإكليلية.
ويؤثر التدخين بشكل سلبي على القلب وفق الدكتور بركات حيث يؤدي إلى تخريب البطانة الشريانية فتصبح غير ملساء مما يسمح بالتصاق الصفيحات الدموية والكولسترول السيء عليها وبدء تشكل طبقات على البطانة وتسمكها مما يقلل من لمعة الشرايين وبالتالي يؤدي لنقص التروية ومن ثم انسداد هذه الشرايين وحدوث احتشاء العضلة القلبية إضافة إلى زيادة التأهب لتخثر الدم حيث يؤدي إلى حدوث زيادة في قابلية الدم للتخثر ضمن الأوعية وبالتالي حدوث الجلطات ونقص التروية.
وعن أضرار التدخين على صحة الجهاز الهضمي يبين اختصاصي الهضمية الدكتور أحمد عباس أنه يؤثر بشكل كبير على الأنبوب الهضمي ويعتبر من المؤهبات الأساسية للإصابة بالقرحات وتأخير شفائها وهو السبب الرئيسي لنكسة القرحة بنسبة خمسين بالمئة بعد الشفاء منها.
ويتسبب التدخين وفق الدكتور عباس بتشكيل آفات الأمعاء الالتهابية وعلى رأسها داء كرون إضافة إلى كونه عاملا أساسيا لتحريض الأمراض وعدم الاستجابة للمعالجة وكثرة الاختلاطات خاصة النواسير المعوية الجلدية إضافة إلى زيادة نسبة حدوث السرطانات في الفم والبلعوم والبنكرياس وسرطانات الكولون لذلك التدخين ضار بشكل عام على الأنبوب الهضمي.
ويعتبر الشخص المدخن أكثر عرضة للإصابة بأمراض اللثة بست مرات من الشخص غير المدخن بحسب ما أوضح طبيب الأسنان الدكتور علي مارديني حيث تشمل نزف اللثة وتراجعها وامتصاص العظم السنخي والتقلقل بالأسنان وتغير لون اللثة غالبا تكون مائلة للسواد مبينا أن الشخص المدخن أكثر عرضة لفقد الأسنان بنسبة الضعف عن غير المدخن.
وبين الدكتور مارديني أن التدخين يقلل من إفراز اللعاب وبالتالي يزيد من تركيز الجراثيم الفموية وتوضع اللويحة الجرثومية واصفرار الأسنان وتشكل بقع بنية عند أعناق الأسنان حيث تتواجد الترسبات الكلسية لافتا إلى أنه يسبب رائحة الفم الكريهة ويضعف حاستي الشم والذوق والإصابة بسرطانات الفم.
وعن تأثير التدخين على الجلد أوضح اختصاصي الجلدية الدكتور همام قاضي أنه يتأثر به بشكل كبير بسبب احتوائه على مئات المواد السامة والضارة للجلد وأهمها النيكوتين الذي يحدث تقبضا في الأوعية الدموية الصغيرة في الجلد بالإضافة إلى تقليل كمية الأوكسجين الواصلة للخلايا مما يسبب هرمها بشكل أسرع من عمرها الافتراضي وتخريب الكولاجين والإيلاستين بالجلد وزيادة الترهل والتجاعيد في كل أنحاء الجسم فيبدو الشخص بمظهر أكبر من عمره الحقيقي.
ويسبب التدخين بحسب الدكتور قاضي شحوب في بشرة الوجه وزوال النضارة وحدوث مظاهر الشيخوخة بشكل مبكر وظهور التجاعيد حول الفم والإنتفاخات تحت العين والتصبغات والبقع الشيخية على الوجه واليدين وتأخير شفاء الجروح وزيادة قابلية حدوث الندبات واحتمالية ظهور مرض الصداف وعدم الاستجابة للعلاج وزيادة في نسبة حدوث سرطان الجلد وينصح جميع الأطباء في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين بضرورة الإقلاع عنه لتجنب آثاره السلبية التي تنعكس بشكل مباشر على الشخص نفسه وعلى عائلته والمجتمع بشكل عام.
Views: 4