حققت ورشة العمل التي أقامتها مؤسسة الوحدة للصحافة والنشر والتوزيع في المدة مابين 14- 16 آذار 2021 بعنوان “احتراف المحتوى الرقمي في الإعلام المعرفي” نتائج فعالة في الطريق إلى صحافة رقمية محترفة.
وهذه النتائج بالرغم من تباين الآراء فيها، تمثل انطلاقة جدية متكاملة نحو مهام استثنائية في الصحف المركزية وصحف المحافظات، ولعل في النتائج التي وصل إليها الاستبيان الذي طرح سؤال: “ما هي أهمية الورشة” ما يؤكد ذلك، حيث إن 63% من المشاركين في الاستبيان قالوا: أهمية الورشة تكمن في أنها فتحت الأبواب نحو احتراف المحتوى الرقمي الإعلامي في المؤسسة، و56% قالوا إن الورشة أشعرتهم بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في المهام الإعلامية الرقمية، والنسبة نفسها أكدت أن الورشة حفزتهم للتوجه نحو إثراء الذهنية المعرفية في وعي الحاجة.
خرجت الورشة بمجموعة من التوصيات كان في مقدمتها التوصيات الإدارية التالية:
- اعتماد منهجية عمل للصحافة الرقمية تتضمن الأهداف والمهام والأدوات والأساليب والموارد الإعلامية.
- وضع آليات لاستثمار الموارد البشرية في مجال الصحافة الرقمية على الوجه الأمثل.
- وضع خطط تعتمد التحفيز المادي والمعنوي والاجتماعي للعاملين في المؤسسة.
- إنشاء قاعدة بيانات لمكونات المؤسسة تتيح الوصول إلى نظام معلومات استثماري.
- عقد ورشات عمل إعلامية تخصصية بشكل دوري تكون بمثابة مرجعية لمواد صحفية مميزة.
هنا قراءة سريعة للتوصيات الإدارية ولآليات التعامل معها:
منهجية الصحافة الرقمية
نُعرف المنهجية بأنها علم الوصول إلى الحقائق العلمية بخطوات منتظمة، وأنها منظومة متكاملة تضع المبادئ التوجيهية لحل معوقات الانتقال إلى مشروع جديد أو إلى نموذج جديد في مشروع قائم، وتعتمد مجموعة مقومات منها: الرؤية والرسالة والأهداف والمهام والمراحل والطرق والأساليب والأدوات والقوى العاملة والمواد الخام.
قبل أن نشرع في تنفيذ المنهجية علينا أن نحدد طبيعة التحديات والمعوقات التي تواجهنا، ويجب أن تكون التحديات المراد دراستها واقعية وملموسة وقابلة للقياس، ومن المهم أن يكون لدى معد المنهجية المعلومات الأولية، والتي يمكن من خلالها السير في باقي خطواتها.
هنا يكون الحديث عن منهجية الانتقال إلى الصحافة الرقمية، هو حديث عن خطة طريق تعتمد مراحل منتظمة ومتكاملة، وفق مبادئ إعلامية محددة، باتجاه تذليل عقبات الانتقال.
وبناء عليه تتجسد الخطوة الأولى في تحديد معوقات العمل في النموذج الجديد، ومن ثم كتابتها بطريقة قابلة للقياس، كأن نقول:
- فقدان اهتمام المؤسسات بالصحيفة.
- ضعف مستويات الاستجابة للمعلومات التي يطلبها الصحفي.
- عدم وصول الصحيفة بنموذجها الرقمي إلى الشريحة المستهدفة.
- اعتماد الصحفي الصياغة الورقية في الموقع الإلكتروني.
- نقص الشغف الصحفي لدى المحررين نتيجة التزامهم بالانتماء إلى الصحافة الورقية.
- رفض التغييرات التي ارتبطت بتغير النموذج الصحفي.
- عطالة قسم من العاملين نتيجة عدم وجود عمل لهم في الصحافة الرقمية.
هذه الصورة للواقع الجديد هي التي تنبئنا بما هو مطلوب منا في عملية الانتقال، من خلال إعادة هندسة العلاقة بين الهدف والواقع الجديد، وبالتالي علينا أن نعود إلى صياغة الرؤية كأن نقول:
الوصول إلى 50% من الشريحة المستهدفة خلال عام واحد.
ويمكن أن نفصل في ذلك ونضيف: والإسهام في اتخاذ القرار على مستوى المواطن والمسؤول بنسبة 40%.
أما الرسالة فهي بمثابة نموذج متميز عن الصحف والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الأخرى على الشبكة كأن نقول:
رسالة الصحيفة: الاعتماد على الذات والاكتفاء الذاتي هو عنوان غير مباشر للمحتوى.
أما الهدف فعلينا أن نتعامل معه بطريقة علمية فمثلاً نقول:
هدف الصحيفة هو:
- تغطية الحاجات الإعلامية للشريحة المستهدفة وقت حاجتها
- إنشاء مرجعية للشريحة المستهدفة ذات مصداقية عالية تتيح وصول هذه الشريحة إلى المعلومات الحقيقية.
- خلق حالة تفاعلية بين الصحفي والشريحة المستهدفة بما يكفل تحقيق الثقة المتبادلة.
- نشر المعلومات التي تؤثر في اتخاذ المتلقي للقرار الصحيح أو الموقف المناسب.
- توسيع دائرة التلقي بشكل مطرد من خلال إثراء المحتوى الإعلامي باعتماد الوسائل التي يتعامل معها المتلقي.
- إشباع الحاجات والرغبات الإعلامية لدى المتلقي بما يؤهله للارتباط الدائم بمنشورات الصحيفة.
- الوصول إلى مستوى العلاقة الوطيدة والأساسية مع المتلقي عبر الإغراق في الخصوصية المحلية بمجالاتها الزمنية والجغرافية والاجتماعية.
- وغير ذلك..
الخطوة الثانية هي الانتقال إلى المهام التي يمكن للصحيفة تحقيق الأهداف من خلالها، كأن نقول إن مهام البند الأول في الأهداف تتطلب وضع خريطة عمل جغرافية وزمانية وموضوعية تشمل مجال العمل، فإذا كانت الصحيفة تصدر في محافظة فهي مسؤولة عن وضع خريطة عمل في كل أنحاء المحافظة، من دون تجاهل أي منطقة، وأن ترتبط هذه الخريطة بمجال زمني محدد، وبموضوعات ذات اهتمام مباشر، كالزراعة والصناعة والتجارة والتعليم والثقافة.. إلخ.
بعد ذلك ننتقل نحو تحديد مراحل العمل والطرق والأساليب والأدوات والقوى العاملة والبيانات، لتصب جميعها في خدمة الأهداف وتحقيق المهام.
آليات الاستثمار
الخطوة الثانية هي وضع آليات لاستثمار الموارد البشرية في مجال الصحافة الرقمية وفق خطة تفصيلية دقيقة على الوجه الأمثل، وهذا يعني استثمار إمكانات كل صحفي وكل موظف في الصحيفة، وكل جهاز وتطبيق وموقع إلكتروني وصفحة على شبكات التواصل ولكل مكون آخر من مكونات الصحيفة.
هنا لابد من وضع جدول يتضمن الاسم والمهام والتجهيزات المستخدمة والمدد الزمنية ومؤشرات القياس والنتائج التي تم تحقيقها في نسب الإنجاز.
التحفيز
لابد هنا من وضع خطط تعتمد التحفيز المادي والمعنوي والاجتماعي للعاملين في المؤسسة، على أن التحفيز لا يعني مجرد إضافات مالية، بل يتضمن التكريم المعنوي والفعاليات الاجتماعية المحفزة سواء على مستوى الفرد أم على مستوى الأسرة أم على مستوى القسم، ولعل في النموذج الذي اعتمدته صحيفة تشرين في تكريم المميزين نموذجاً يحتذى في هذا المجال.
ويتضمن التحفيز عادة رفع نسب الاستكتاب واعتماد آليات جديدة في احتسابه، وصرف مكافآت، وتقديم الهدايا والتكريم، ودعم الدورات التدريبية المجانية والقيام بفعاليات اجتماعية متعددة.
قاعدة بيانات
خطوة تكاملية أخرى لابد منها في هذا المجال وهي إنشاء قاعدة بيانات لمكونات الصحيفة تتيح الوصول إلى نظام معلومات استثماري، بحيث تضم كل من يعمل وطبيعة عمله ومستوى أدائه ومبادراته واهتماماته ومكافآته.
وتضم قاعدة البيانات أيضاً كافة التجهيزات والتطبيقات بحيث يوضع توصيف وتعريف لكل تطبيق وجهاز ID ومستوى الجاهزية في تاريخ محدد، على أن يتم التعديل لدى وقوع أي طارئ.
فعاليات
تحتاج أي صحيفة إلى مواد جديدة ومرجعيات تصنعها بنفسها من خلال فعاليات متعددة كالحلقات الدراسية وورشات العمل الإعلامية التخصصية بشكل دوري تكون بمثابة مرجعية لمواد صحفية مميزة، وتصل إلى نتائج ترفد النتاج الصحفي بمعطيات جديدة.
Views: 4