بسبب كورونا أُقفلت البلاد 4 مرات إقفالاً تاماً، منذ آذار 2020 إلى اليوم.
اليوم قد نكون أمام الإقفال الخامس في بلد ليست أزمة كورونا أساسيةً فيه، بل إضافية. والتحدّي نفسه في كلّ مرّة: الموازاة بين الصحّة والاقتصاد.
في جديد المؤشّرات الوبائية المقلقة، ومع دخول لبنان مرحلة المستوى الثالث من التفشّي، سُجّل أمس الأوّل 1224 إصابة جديدة، بينها 64 لوافدين من الخارج. وهو رقم قياسي جديد منذ أكثر من شهرين، وفق التقرير اليومي لوزارة الصحة العامة، وبات العدد التراكمي للوفيات 7897، والإصابات الكلّية 558369.
في السياق نفسه، أعلن وزير الصحة حمد حسن أنّ “الإصابات المرتفعة بفيروس كورونا خلال الأسبوعين المنصرمين تشكل تهديداً حقيقياً للواقع الوبائي في لبنان”. وعالمياً أعلنت منظمة الصحة العالمية أنّ نسبة وفيات كورونا قفزت 21% خلال الأسبوع الماضي. ويبقى السؤال الذي يشغل بال المواطنين بعد ارتفاع الإصابات.. هل يحتمل لبنان إقفالاً عامّاً آخر قريباً، ومتى؟ وكيف ستكون ردّة الفعل هذه المرّة؟
رفض الدكتور عبد الرحمن البزري الحديث عن أيّ إغلاق محتمل للبلد، معتبراً أنّه “ضارّ بالحركة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين الذين هم في أشدّ الحاجة إليها”، ورفض أيضاً بعض التلميحات التي تشير إلى احتمال اتخاذ أيّ إجراء بحق غير الملقّحين لأنّه يتنافى مع روحية الخطة الوطنية للّقاح التي اعتبرت أنّ التلقيح قرار اختياري، وليس إلزامياً، ولا يجوز محاسبة غير الملقّحين، خصوصاً أنّه لم يتم تأمين كميّات كافية من اللقاح لكلّ مَن يرغب بتلقّيه.
واعتبر البزري في حديث لـ”أساس” أنّ “الزيادة الكبيرة في عدد الإصابات الجديدة بالكوفيد-19 متوقّعة نتيجة للظروف التي نعيشها، خصوصاً لناحية غياب أيّ من الإجراءات، وفتح البلاد على مصراعيها، وعدم اتخاذ أيّ من الإجراءات الوقائية على مستوى التجمّعات أو الأماكن السياحية وأماكن العمل، وهذا ما كنّا نحذّر منه دائماً. وتسهِّل الكثافة التي يشهدها مطار بيروت الدولي يومياً دخول العديد من الإصابات من الخارج. فقد بلغ عدد الحالات الإيجابية على متن رحلات وصلت الى بيروت بين 22 و24 الحالي 201 حالة، وستكون ذروة الوباء في شهر آب”.
وأشار إلى أنّ “المتحوِّل الجديد دلتا، الذي أصبح يشكل أكثر من 80% من حالات الكوفيد-19 الحالية في لبنان، سريع الانتشار، وقادر على الانتقال من إنسانٍ إلى آخر بفاعلية تفوق بكثير فاعلية المتحوِّل البريطاني أو النسخة الأوّلية للفيروس”، مؤكّداً أنّ “الردّ المناسب على الانتشار السريع للفيروس هو بزيادة التلقيح والتسريع فيه، وإعطاء اللقاح لكل من يرغب به، خصوصاً أنّ هناك قرابة مليون مواطن مسجّلون على المنصة ولم يتلقّوا اللقاح أو تصلهم مواعيد لتلقّيه”.
بالمقابل، أشارت مصادر وزارة الصحة لـ”أساس” إلى أنّه “لا يزال حتى الساعة عدد المرضى في المستشفيات ضمن إمكانات الوزارة، لكن ارتفاع الإصابات سينعكس على ارتفاع عدد المرضى، وخصوصاً في غرف العناية الفائقة”.
وأضافت المصادر: “في وقت لا إمكانات مادية ولوجستية لمواجهة أيّ سيناريو مشابه لموجة تفشّي الوباء سابقاً، حتى إنّ المستشفيات تعاني من انقطاع مادة المازوت، فيما كهرباء الدولة منقطعة معظم الوقت. لذا اللجوء إلى قرارات قاسية يتعلّق بكيفية تطوّر الوباء، وستتحدّد الخطوات في الأسابيع المقبلة”.
من جهته، أبدى رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي تخوّفه من خطورة ارتفاع الإصابات، وأكّد في تصريح له أن “لا داعي للإقفال، بل يجب الالتزام بالإجراءات الوقائية. ليست أعداد الإصابات معياراً لاتخاذ القرار بالإقفال، لكن إذا ازداد عدد المرضى في أقسام كورونا، وتحديداً في العناية الفائقة، فقد يلجأ المعنيون إلى الإقفال”.
في الخُلاصة، يبدو أنّنا خلال أسابيع قليلة سنكون مُجدّداً مع مئات الحالات الحرجة في المُستشفيات، في ظلّ عجز القطاع الطبّي عن مُواجهة الموجة الرابعة بالشكل المُناسب. وعندئذٍ لن يكون من خيار آخر سوى إعادة فرض الإغلاق التامّ في أيّ وقت من أيلول المُقبل، أي مع بداية انطلاق العام الدراسي الجديد.
Views: 2