ساعات قليلة تفصل مختبر الـ«مايكروبيولوجيا» للصحة والبيئة التابع للمعهد العالي للدكتوراه، في كلية الصحة العامة في الجامعة اللبنانية، عن انقطاع الكهرباء التام نتيجة أزمة انقطاع الكهرباء في البلاد، ونفاد مخزون المازوت في مولّداتها الخاصة، يعني ذلك أنّه سيؤدي إلى انقطاع الطاقة عن الثلاجات التابعة للمختبر (ناقص 85 درجة)، والتي تضم أهم ثروة علمية وطنية تملكها الجامعة اللبنانية، وهي بنك السلالات الميكروبية.
تحذير ونداء استغاثة أطلقهما رئيس المختبر البروفيسور منذر حمزة، لتدارك ما وصفه بالكارثة العلمية التي قد تحل بلبنان في حال خسر هذه الثروة، مشيراً إلى أنّ «حوالى 10 آلاف سلالة ميكروبية، جُمِعَتْ بجهد امتد على أكثر من 12 عاماً، ستكون مهدّدة بالتلف نتيجة هذه الأزمة، ما يعني خسارة علمية لا تُقدّر بكل ما للكلمة من معنى».
خسارة هذه السلالات تعادل في مجال البحث العلمي، زلزالاً يؤدّي إلى دمار شامل في قلعة تاريخية عمرها آلاف السنين، لا يمكن ترميمه أو تعويضه، بحسب حمزة، الذي لفت إلى أنّ «هذا جهد بُذِلَ على مدى 12 عاماً يضم مادة بحثية لا تعوّض في حال خسارتها، فهذه السلالات هي موضع بحث مستمر ومادة جديدة دائمة للبحث عن علاجات جديدة ومضادات حيوية جديدة ودراسة تطور السلالات ومقاومتها للأدوية والمضادات لا يمكننا في هذا الوقت تحديداً خسارتها، هذا هو البحث العلمي وهذا ما يطلبه ولا يمكننا التطور في هذا المجال إن لم نوليه الأهمية الكافية للمحافظة على هذه السلالات».
وأوضح أنّ «أي مختبر بحثي في العالم لا يستطيع الادعاء بأنّه مختبر بحثي إنْ لم يكن يملك بنكاً للسلالات يعمل عليها ويجري أبحاثه، مثلا نحن حاليا نجري تحاليل وزارة الصحة المتعلقة بحالات الإصابة بكوفيد 19، وكل العينات التي سجلت إيجابية نحن نحفظ منها في بنك السلالات، منذ آب 2020، ومعتمدين من وزارة الصحة في تشخيص حالات كورونا شمال لبنان وعند حدوده البرية والبحرية بين لبنان وسوريا، والباحثون يجرون اليوم الأبحاث على السلالات التي تم عزلها بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ومركز الفايروسات التنفسية في ليون الفرنسية، وهناك تلامذة دكتورها يعملون على أبحاثهم، وبالتالي كيف سنتابع أبحاثنا على السلالات إن لم نعد نحفظها؟».
وأكد حمزة أنّ المعنيين في المختبر يسعون بشتى الوسائل والطرق لتأمين مادة المازوت، ولكن حتى الآن كل الجهود لم تصل إلى مبتغاها، مناشداً جميع المعنيين للتدخل قبل حلول الكارثة، مطالباً بتأمين حل مستدام لهذه المشكلة يرقى إلى حجم الكارثة العلمية التي يمكن أن تحل في حال خسارتها.
Views: 0