وصل ظهر أمس إلى باريس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوفد المرافق على متن طائرة تابعة لـ”الميدل ايست”. وبعد وصوله إلى مقر اقامته في فندق “جورج الخامس” بدأ ميقاتي اجتماعاته مع الوفد المرافق والمسؤولين عن الملف اللبناني في قصر الاليزيه للتحضير لغداء العمل الذي دعاه اليه الرئيس ايمانويل ماكرون، وسيشارك فيه مستشار لكل من الرئيسين.
وستشكل باريس المحطة الخارجية الاولى لرئيس الوزراء اللبناني وستكون بوابته إلى المجتمع الدولي بعد امتناع دول خليجية على رأسها السعودية عن اعطاء اي اشارة ايجابية حول عودة علاقاتها مع لبنان إلى سابق عهدها وتقديم المساعدات اليه لتأمين المتطلبات ذات الاولوية للخروج من الازمة.
اللقاء الاول بين الرئيس الفرنسي وميقاتي هو لمزيد من التعارف واستكشاف ما يمكن ان تقوم به باريس في المرحلة المقبلة لمساعدة لبنان. ومع ان حكومة ميقاتي هي حكومة انتقالية، إلا أن الرئيس ماكرون سيطلب البحث في خطة التعافي الاقتصادي التي تنوي الحكومة الإعلان عنها بمعزل عن البيان الوزاري الذي رسم سياسة الحكومة اقتصاديا وماليا وسياسيا للأشهر المقبلة.
اختيار ميقاتي أن تكون وجهته الأولى باريس يعكس دلالات مهمة، إذ يبرز استمرار الاهتمام الفرنسي بلبنان. وتخصيص الرئيس ماكرون غداء عمل لرئيس الحكومة فور حصوله على ثقة مجلس النواب رغم المشاكل التي يواجهها داخليا وخارجيا، دليل على اهمية الملف اللبناني للرئاسة الفرنسية التي تطمح بعد أكثر من عام على مبادرتها إلى تسجيل نتائج ايجابية في هذا الملف على عتبة فتح معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وقد استرجعت بعض الخسائر المعنوية التي مُنيت بها بعدما ضاعت الآمال بتنفيذ مبادرتها وتشكيل حكومة مهمة من اختصاصيين.
ويعتبر الرئيس ماكرون ان تأليف الحكومة شكّل خطوة ايجابية لا غنى عنها، ودعا السياسيين في ترحيبه بتشكيلها إلى الامتثال للالتزامات التي قطعوها لتنفيذ الاصلاحات اللازمة التي ستمكن المجتمع الدولي من تقديم المساعدات من خلال مؤتمر دولي او من خلال اعادة إحياء مؤتمر “سيدر” بعد اجراء الاصلاحات التي تضمنتها خريطة الطريق التي وضعها اصدقاء لبنان خلال اجتماعهم في 11 كانون الاول 2019 في باريس بعد الانتفاضة الشعبية في 17 تشرين الاول من العام نفسه.
وسيحدد الاجتماع الاول بين ماكرون وميقاتي ما تنوي باريس القيام به على الصعيد الثنائي او من خلال مجموعة اصدقاء لبنان من خطط للمساعدات على تعويم الاقتصاد والمالية اللبنانية واخراج لبنان من أزمته بل من ازماته المتراكمة، والانتقال إلى التعافي الاقتصادي والمالي والاجتماعي. وسيعرض ماكرون على ميقاتي مواكبة فرنسية للقيام بالاصلاحات المرجوة.
كما ان المطلب الفرنسي والدولي باعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي هو شرط اساسي لتقديم المساعدات ولم يعد محظورا من أطراف داخلية، كما لم تعد هناك هواجس حول برنامجه اذ ان اكثرية مطالب الصندوق تحققت او تكاد تتحقق من جراء الازمة المعيشية التي يعيشها لبنان.
ثم ان باريس من خلال مبادرتها والاتصالات التي قامت بها مع المصارف اللبنانية ومطالبتها بالتدقيق الجنائي، وضعت خطة متكاملة لدعم القطاع المصرفي بعد وضع قوانين محددة تؤمن استرجاع اموال المودعين خلال فترة زمنية متوسطة الأجل.
وسيشدد ماكرون في الشق السياسي امام ميقاتي على اهمية التزام لبنان سياسة النأي بالنفس عن الصراعات الاقليمية والابتعاد عن سياسة المحاور، وسيكون موضوع التنقيب عن النفط في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان اسرائيل من الملفات المطروحة خلال المحادثات.
ولا شك في ان عمق الروابط بين البلدين واستمرار وقوف فرنسا إلى جانب الشعب اللبناني وحشد الدعم الدولي والمساعدات للبنان وفق المبادرة الفرنسية، تشكل فرصة لانقاذ لبنان من خلال تحويل الحكومة إلى عامل استقرار وثقة داخلية
Views: 6