في تشرشل، بلدة معزولة تقع في أقصى جنوب القطب الشمالي، لا يمثل تغير المناخ -إلى اللحظة- خطرًا يلوح في الأفق. لكن الخوف الأكبر هو ألا يأتي السياح إلى “عاصمة الدببة القطبية”.
على الرغم من الجو البارد وأشجار أطول وشجيرات قاسية وصيف أطول، إلا أن الجو السائد في تشرشل مشمس بشكل مذهل. وإذا كان الناس لا يهتفون -فعلياً- لتغير المناخ، لكن الكثيرين منهم يركزون على العواقب التي يمكن أن يجلبها الاحتباس الحراري إلى هذه المدينة ذات الطقس البارد. الدببة القطبية في ورطة. يحلم الناس ببناء مدينة بحرية.
أحد الآثار المباشرة للاحتباس الحراري هو أن الدببة أصبحت تقضي المزيد من الوقت حول تشرشل حيث يتشكل الجليد البحري في وقت متأخر من العام ويذوب في وقت أبكر من الأعوام السابقة.
على الأرض، تفقد الدببة القطبية حوالي 1 كيلوغراما من وزنها كل يوم. مع تقلص الفترة الزمنية لموسم الجليد، تواجه الدببة ألمًا مزدوجًا يتمثل في: قلة أيام الصيد وزيادة أيام الصيام.
وفقًا لنيك لون، عالم حكومي كندي، بين عامي 1980 و2019، فإن متوسط وزن الدب القطبي الحامل في منطقة تشرشل انخفض بنسبة 15%. كما انخفض معدل الولادات الجديدة، ومعها عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30% في الفترة ما بين عامي 1987 إلى 2016، ويعتقد بعض الخبراء أن عدد الدببة القطبية بالفعل في حالة انخفاض نهائي.
قد تنجو بعض الدببة، على الأقل لبعض الوقت، بالانتقال بعيدًا نحو الشمال. لكن على مدار العقود المقبلة، إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع بنفس الوتيرة الحالية، فإن اختفاء الدببة القطبية من منطقة خليج هدسون أمر لا مفر منه. وذلك حسب دراسة أُجريت عام 2020 من قبل علماء في منظمة “الدببة القطبية الدولية” (Polar Bears International)، وهي مجموعة البحث والمحاماة.
قال ستيفن أمستروب، كبير العلماء في المنظمة، إنه “لم يفت الآوان بعد”. وأضاف معلقاً: “أنا واثق من أن الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين سيحافظ على (وجود) الدببة القطبية في أجزاء من نطاقها الحالي”. هذا هو الهدف الذي حددته الدول في اجتماعات باريس للمناخ في عام 2015. لكن الالتزامات التي قطعتها الدول على نفسها ليست كافية لتحقيق هذا الهدف. يقدر العلماء أن درجات الحرارة حول العالم في طريقها للارتفاع بنحو ثلاث درجات مئوية فوق مستوى ما قبل عصر الصناعة بحلول نهاية القرن.
أهالي المدينة الصغيرة تشرتشل، التي تعتبر نفسها “عاصمة الدببة القطبية”، لا يفصحون الكثير عن مشاعرهم تجاه “جيرانهم البيض”. يقول أحدهم: “من الصعب أن نحزن على خسارة الدببة وهم في كل مكان”. في الواقع، يقول العديد من السكان المحليين إن الدببة أصبحت أكثر جرأة وظهورًا في السنوات الأخيرة، ربما هذا دليل على أن الدببة أصبحت أكثر جوعًا، والإنسان هو الملجأ الأخير لها.
تعتبر الدببة البيضاء هنا أحد الدعائم الأساسية للاقتصاد المحلي. إذ تستقبل شركة Great White Bear Tours وLazy Bear Expeditions وغيرها من الشركات ذات الأسماء المماثلة التدفق السنوي للسائحين الأثرياء، وتنقلهم في حافلات مخصصة إلى الشاطئ، حيث تتجمع الدببة. فالتحذيرات حول اختفاء الدببة في المدينة يضيف إلى تجربة الرحالة بعضاً من الإثارة…
قالت كارلين سبينس، التي تعمل طاهية في أحد المطاعم المحلية “Lazy Bear Lodge”: “بدون الدببة، لا نكسب المال”.
Views: 5