في وقت يعلّق البعض الآمال على بيع أو خصخصة ممتلكات الدولة لتنشيط الاقتصاد، يتناسى هذا البعض أن هناك بالمقابل الدين الأجنبي المتوجب على الدولة بأكثر من ٣٥ مليار دولار تشكّل الجزء الأكبر من القيمة المقدرة لهذه الممتلكات، وما تبقّى بالكاد يكفي لسد العجز السنوي المتزايد في ميزان المدفوعات. وبالتالي فأن طمأنة الرأي العام بشعار أن الدولة اللبنانية «مليئة ولكن منهوبة» بمعنى انها تملك موجودات تفيض قيمتها عن التزاماتها الفورية وحاجاتها المرتقبة، هي نوع من ذر الرماد في العيون!
أما ان الدولة اللبنانية منهوبة فهذه من «حقائق العصر» الدامغة. وأما انها مليئة فهذه تقابلها الإلتزامات التالية:
١- من أصل الدين الأجنبي على الدولة اللبنانية البالغ مع الفوائد والمتأخرات أكثر من ٣٥ مليار دولار، هناك ٢٢ مليار دولار تملكها الصناديق والمؤسسات الأجنبية (اشمور، جي بي مورغان، توتال، انفسكو، يو بي اس، اش اس بي سي الخ..) وتشكّل في أي مفاوضات مقبلة أكثرية الدائنين.
٢- وبالمقابل فإن الـ١٣ مليار دولار الباقية التي تسمّى «ملكية» المصارف ومصرف لبنان (نحو ٨ مليارات دولار للمصارف و٥ مليارات دولار لمصرف لبنان) هي في الواقع ليست ملكية حرّة بل هي جزء من التزام مصرف لبنان بالدولار للمصارف، وجزء ضئيل من التزام المصارف بأموال المودعين بالدولار البالغة حسب أرقام المصارف، أكثر من 106 مليار دولار حتى الآن.
٣- وحتى المخرج الذي اجترحته المصارف بديلا عن بيع الممتلكات أو خصخصتها، بإنشاء صندوق سيادي يضم هذه الممتلكات واستثمارها بعائدات تستخدم في تسديد التزامات الدولة تجاه المصارف ومصرف لبنان والدائنين الأجانب، فأن هذا الاقتراح يتجاهل أن الدولة اللبنانية بأوضاعها المالية المتدهورة الحالية والتراجع الكبير في الواردات العامة بسبب الأزمات المالية والنقدية المتلاحقة، تحتاج الى أي عائدات من هذا النوع وسواها. إلا إذا كان الهدف إنقاذ ميزانيات القطاع المصرفي وترك ميزانيات الدولة في مهب الريح!
٤- وأمام هذه الوقائع والأرقام، لا بد للحل من إصلاحات أساسية تشمل:
أ- جدولة الديون وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوزيع الخسائر بالقانون والعدالة معا بحيث تتحمل المصارف الجزء الأكبر من قوتها الذاتية والجزء الأقل من واردات الدولة عبر تلزيم استثمارات الممتلكات العامة بصيغة الـB.O.T أو بالشراكة مع القطاع الخاص في قوانين شديدة الرقابة والتفتيش والمساءلة والحوكمة الدقيقة والعادلة
Views: 4