إيمان عنان
تقترب الحرب في اليمن من عامها السابع، بكلفة عالية، بشرية ومادية، حيث حولت اليمن إلى بلاد منكوبة تفتك بها المجاعة والأمراض والانقسامات، ودفع البلد ثمن الحرب من أمنها واستقرارها. يعد استئناف العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران أملاً لفتح الأبواب المغلقة في ملف الأزمة اليمنية، وإنعاش حلول السلام وإيقاف الحرب التي بدأت تضع أوزارها من بوابة التقارب الإيراني السعودي. نتطلع اليوم إلى حل سياسي سريع، يضع حداً لأصوات المدافع وأزيز الطائرات التي حوّلت البلد إلى جحيم. ونأمل أن تنتهي الحرب في اليمن بعد الاتفاق بين المملكة العربية السعودية وإيران، بعد سنوات من الأعمال العدائية التي شهدت مقتل وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين.
بدأت الحرب في اليمن كصراع أهلي بين الفصائل، وتحولت إلى حرب شاملة عام 2015 عندما تدخل التحالف الذي تقوده السعودية عسكريًا لدعم الحكومة المحاصرة هناك وإعادة حكومة هادي. لكنها أصبحت في النهاية حربًا بالوكالة بين إيران -التي اتُهمت بتسليح الحوثيين- والمملكة العربية السعودية.
قد يغيرالاتفاق السعودي الإيراني الحسابات الإقليمية حول اليمن ويخفض من حدة الصراع، ولكن من غيرالمرجح أن يحل الصراع الداخلي بسرعة، لأن الأمر قد يحتاج وقتاً طويلاً حتى تُحل الخلافات، وهناك احتمالاً أن تكون الأمور أكثر صعوبة على المستوى المحلي، لأن الصراع بدأ في الأساس محلي وليس إقليمي.
يتوقع حتى إذا وافقت المملكة العربية السعودية على إنهاء العمليات العسكرية، فإن الحرب في اليمن لن تنتهي، ونبرهن على ذلك بأن هناك تاريخاً طويلاً من الشك والخلافات الطائفية كان يحكم مسار العلاقة بين الطرفين، ومن المبكر جداً الحديث عن نجاح هذه العلاقات واستدامتها، صحيح أن الطرفين بحاجة ماسة للتهدئة، ولكن من غير المعلوم إلى مدى سينجحان في الاستمرار في تعزيز هذه العلاقات. فالاتفاق من الممكن أن يحد من النزاع الذي انزلق إلى صراع طائفي لا ينتهي لمجرد عودة العلاقة بين بلدين.
رفض الحوثيون عرضا سعودياً لاستضافة محادثات بين الفصائل اليمنية، قائلين إن الرياض طرف في الصراع ولا يمكنها أن تكون وسيطًا نزيهًا. متجنبين الجماعات المحلية الذين في حالة حرب معهم. أي أن الاتفاق لن يكون ملزماً بأي اتفاق سعودي حوثي يمس الأمور المتعلقة بالجنوب سواء من الناحية الإدارية أو الأمنية أو في الأمور المتعلقة بمشاركة الموارد.
وهناك سيناريو لانتهاء الحرب في اليمن بالانسحاب السريع للسعودية من البلاد، ولكنه من المتوقع أن يمكن الحوثيين المدججين بالسلاح ويمنحهم حرية نشر نفوذهم دون عوائق، ويعيد اليمن إلى الحرب الأهلية، عندما سيطروا على العاصمة، وفي هذه الحالة يعتبر نصراً للحوثيين.
والسيناريو الآخر العودة إلى الوضع الذي كانت عليه قبل عام 1990 عندما تم تقسيم البلاد إلى شمال وجنوب، ولكن الحوثيين يرفضون الانقسام، ويصرون على يمن موحدة يسيطرون فيها على العاصمة. وليس من المرجح أن تقبل كلاً من السعودية والإمارات ذلك السيناريو، لأنه قد يعيدهم إلى الحرب مرة أخرى اذا ظل الحوثيون متمسكون بسيطرتهم على العاصمة، وعدم التوقف عن قتال خصومهم في اليمن.
على الرغم من انتهاء الهدنة إلا أن الحكومة اليمنية والتحالف العربي لم يخترقا وقف إطلاق النار ولم تتوقف رحلات صنعاء ولا تدفق الوقود إلى الحديدة، بينما ارتكب الحوثيون جملة انتهاكات بعضها تمثل في هجمات صنفها مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والخارجية الأميركية بهجمات إرهابية، وهي تلك العمليات التي طاولت موانئ تصدير النفط واستيرداه.
حققت الميليشيات الحوثية، بسبب الفراغات البينية الفادحة التي تركتها الشرعية، مكاسب سياسية واقتصادية استراتيجية وعسكرية، بالتالي ليس من السهولة لجماعة طائفية أن تفرط بها، إلا أن من الممكن أن يتيح ذلك للسعودية قائدة التحالف العربي الإمساك بزمام اليد التي ستغلق هذا الباب الذي دخلت منه رياح كثيرة شغلتها عن ملفات عدة منها مواصلة السير نحو المستقبل في إطار مساعيها للتحول إلى قوة اقتصادية كبرى ضمن “رؤية 2030” التي تترجم الطموح السعودي غير التقليدي في المنطقة.
إذا أرادت إيران أن تحدث تحولاً إيجابيا في النزاع، عندها لا يكون هناك تهريب أسلحة للحوثيين، تخالف القوانين والمواثيق الدولية، ولابد من استعادة الدولة وإنهاء ميليشيا الحوثي، واستهداف موانئ تصدير النفط ، والتهديد المستمر الذي يطال القطاع الخاص.
لا شك أن الاتفاق وعلاقات حسن الجوار بين إيران والسعودية أساسية لاستقرار منطقة الخليج، ونرغب في رؤية نهاية الحرب في اليمن وسلامة أراضيه، ولكنها قضية يجب أن تقررها الأطراف اليمنية ذاتها، فالمشكلة يمنية نابعة من إشكاليات تاريخية في التركيبة السياسية والاجتماعية عزز منها وجود تعقيدات كثيرة فاليوم يوجد المجلس الانتقالي ومجموعات قبلية وطموحات حزب الإصلاح وغيرها من الفصائل السياسية الأخرى.
كاتبة فلسطينية
Views: 4