كل الأنظار متجهة الى إعلان المعارضة مرشحها الوزير السابق جهاد أزعور والى «رد فعل» الثنائي الشيعي على توافق القوى المسيحية الذي خلط الأوراق الرئاسية علما ان التوافق المسيحي وحده لا ينتج رئيسا للجمهورية ولا اتفاق الثنائي الشيعي وحده من شأنه ان يكون مقررا ، وعليه فالاهتمام منصب على دعوة الرئيس نبيه بري الى جلسة انتخابية بعد ان رفع الثنائي المسيحي مستوى التحدي الرئاسي، الأمر الذي يقود الى عدة سيناريوهات وضعت في التداول، فإما يلتئم المجلس فلا يحصل المرشحين أزعور وفرنجيه في الدورة الاولى على ٨٦ صوتا ويعطل النصاب في الجلسة الثانية، أو سيناريو آخر لعقد دورتين في جلسة واحدة في حال لم يتمكن احد المرشحين من الحصول على ٦٥ صوتا وترفع الجلسة بعدها او سيناريو حصول جلسة يصل فيها واحد من المرشحين.
مع ذلك ومن خارج سياق تسارع الأحداث بين الثنائي الشيعي والكتل المسيحية كان لافتا لقاء الرئيس بري بقائد الجيش على خلفية ترقية الضباط الذي أهداه رئيس المجلس الى العماد عون في غمرة الاشتباك الرئاسي والحملة التي استهدفت بري بإقفال أبواب مجلس النواب او حملة العقوبات، فاللقاء بين الجنرال ودولة الرئيس حصل بنظر مصادر سياسية في توقيت مدروس وبالغ الدقة وليس بعيدا عن عملية «شد الحبال» بين القوى السياسية على خلفية الملف الرئاسي، فمن خارج الحسابات تم الإفراج عن ترقيات الضباط بمن فيهم دورة العام ١٩٩٤ المعروفين بضباط دورة عون وهو الملف العالق منذ فترة طويلة في معركة الحساب الطويل بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون ودارت حوله معارك وجولات آنذاك بين بري والتيار العوني وحيث كان واقع الخلاف حول الملف بحجة عدم التوازن الطائفي كون أكثريتهم من المسيحيين.
لا شك ان رئيس المجلس بتسييل الترقيات أصاب عدة عصافير بحجر واحد، فهو أولا أكد ان الإشكالية في الموضوع لم تكن طائفية بين المسيحيين والمسلمين بحجة عبورها السلس اليوم ، كما بعث بري رسالة بالبريد السريع الى ميرنا الشالوحي ردا على اتفاق التيار مع المعارضة حول المرشح جهاد أزعور وخيار التحدي الذي رفعه النائب جبران باسيل ضد مرشح الثنائي الشيعي سليمان فرنجيه.
تقصد بري القول ان الأفضلية في حل هذا الملف هو عبر قائد الجيش جوزف عون وان يمنح جنرال اليرزة ورقة الترقيات التي لم يستطع الرئيس عون في سنوات عنده ان يحصلها للضباط المسيحيين.
الرسالة الأبرز مفادها ان لا مشكلة سياسية كبيرة بين اليرزة وعين التينة وان التفاهمات مع قائد الجيش أسهل من التلاقي مع العونيين سواء في حقبة عون او بعد خروجه من بعبدا من دون ان يعني ذلك موافقة عين التينة او تبنيها جوزف عون مرشحا رئاسيا بديلا.
خطوتان ذوا طابع أمني سجلتا في خانة اليرزة مؤخرا، تحرير سريع فاجأ المراقبين المحليين والدوليين للمخطوف السعودي مشاري المطيري من عهدة خاطفيه المحترفين والخطوة لاقت ارتياحا وثناء داخليا وخارجيا لدور الجيش والأجهزة الأمنية في ضبط الأمن، وترقية الضباط التي ستنعكس على الجو المسيحي المتأزم وتعطي نقطة رابحة إضافية للعماد جوزف عون في مسيرته العسكرية مسيحيا ووطنيا.
مع ذلك لا يجب وضع الإفراج عن الترقيات بانه إنتقال كلي من عين التينة الى ضفة العماد جوزف عون الرئاسية والتخلي عن رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الحليف الإستراتيجي العميق للثنائي الشيعي، بقدر ما هي رسالة «هز عصا» الى ميرنا الشالوحي مفادها ان المواجهة الرئاسية ستكون مكلفة لباسيل وان الثنائي ليس في حساباته ابدا التخلي عن فرنجيه لكن لديه أسلحة سياسية أخرى اذا ضاقت السبل أمام الخيار الآخر.
من المؤكد ان بري لن يستسلم للضغوط ولا مانع لديه من المواجهة وإعادة إحياء خطوط التماس الماضية بينه وباسيل لكنه لن يتخلى عن دوره المؤثر في الاستحقاق الرئاسي وما يراه انه الممر الإلزامي الأول لكل الاستحقاق، فرئيس المجلس مشهور بحنكته السياسية وقدرته على تدوير الزوايا ودعا الى ١١ جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية لكنه يقف اليوم عند مفترق أساسي فهو لن يخوض تجربة عقد جلسة فاشلة مرة أخرى على غرار جلسات انتخاب النائب ميشال معوض ومتمسك بخيار «صديقه» سليمان فرنجيه خيار حزب الله ايضا معتبرين ان فرنجيه هو المرشح الجدي والوحيد فيما كلام المعارضين لم يترجم على أرض الواقع بعد.
Views: 9